وفيه توفي والد معين الدين بن شمس وكيل السلطان، مات بغتة، قيل طلب منه السلطان مالا فابتلع فصا من الماس فمات في ليلته، فكانت الواقعة تقرب من واقعة ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال، وقد تقدم ذكر ذلك.
وفيه قبض الوالي على امرأة تسمى أنس، وكانت قبيحة السيرة تجمع عندها بنات الخطاء، وكانت ساكنة بالأزبكية، فلما تولى الأتابكي قرقماس توجهت إلى قليوب، فأرسل السلطان بالقبض عليها، فلما قبضوا عليها رسم السلطان بتغريقها، ويقال إنها فدت نفسها بخمسمائة دينار ورسم بنفيها.
وفيه خلع السلطان على أقباي وأعاده إلى كشف الشرقية، كما كان قبل ذلك، وصرف عن كشف الشرقية كرتباي مملوك السلطان.
وفي هذه السنة أرسل السلطان تقليدا إلى يوسف النصاري وقرره في نيابة حماة عوضا عن جانم الذي كان بها، وقرر جان بردي الغزالي في نيابة صفد عوضا عن سودون الدواداري، وقرر سودون الدواداري في نيابة طرابلس، وقرر في نيابة الكرك يوسف دوادار ملاج نائب القدس.
ومن الحوادث في هذا الشهر، أن قرقماس المقري، أحد الأمراء العشراوات كان ساكنا في زقاق الكحل فسرق من بيته عملة بألف دينار، فقبض على جيران الحارة أجمعين، وسلمهم إلى الوالي فعاقبهم أشد العقوبة، وغرمهم أضعاف ما سرق له، وكانوا في هذه الواقعة ليس لهم ذنب، وقد ظهرت هذه العملة فيما بعد عند جماعة قرقماس المقري، بعد ما عاقب جماعة من مشاهير الناس، منهم أولاد ابن البقري، وغير ذلك من جيران الحارة من أعيان الناس.
وفي يوم الخميس حادث عشره جاءت الأخبار بأن سيباي نائب الشام قد وصل إلى خانقة سرياقوس، وقد حضر ليزور السلطان، وكان قد وقع بينه وبين حاجب دمشق حظ نفس، فحضر إلى السلطان يشكو له من ذلك. فلما حضر دخل إلى القاهرة ليلة الجمعة، ونزل في مدرسة السلطان التي أنشأها في الشرابشيين فبات بها، فلما أصبح يوم الجمعة، ودخل وقت صلاة الجمعة، أرسل السلطان خلفه فطلع إلى القلعة وهو بالشاش والقماش، وأرسل إليه السلطان جنائب بسروج ذهب وكنابيش، فركب من المدرسة وطلع إلى القلعة وصلى مع السلطان صلاة الجمعة وجلس معه في المقصورة، فلما انقضى أمر الصلاة خلع عليه السلطان ونزل من القلعة، وصحبته الأمراء المقدمون وهم بالشاش والقماش، وقدامه تلك الجنائب. واستمر في هذا الموكب الحافل حتى أنزله في بيت قرقماس الجلب الذي بالتبانة، وقد خلع عليه السلطان كاملية مخمل أحمر بسمور، وكان له يوم مشهود،