وقيل وصل من الشام إلى القاهرة في سبعة أيام وقد جاء على جرائد الخيل، وكان قد بلغه أن أركماس يسعى عليه في نيابة الشام فاضطربت أحواله، وجد في السير حتى أتى إلى مصر في سبعة أيام.
وفيه قبض السلطان على أصيل برددار الأتابكي قيت الرجبي وسلمه إلى الوالي، فعاقبه وضربه كسارات حتى مات تحت العقوبة. وكان سبب ذلك أن قد وشي به عند السلطان أنه يعاني صنعة الزغل، وقد اشتهر بذلك بين الناس، وكان أصيل هذا من وسائط السوء ظالما غاشما يستحق كل أذى.
وفيه عزم السلطان على سيباي نائب الشام في الميدان، وجلس هو وإياه على البحرة التي به، ومد له أسمطة حافلة، وأقام عنده إلى أواخر النهار، ثم ألبسه كاملية بسمور، وتوجه إلى المكان الذي نزل به … ولما جضر سيباي نائب الشام لم يحضر مواكب السلطان بالقلعة. وسبب ذلك أن الأمير دولات باي أمير سلاح لم يوافق على أن سيباي نائب الشام يجلس فوقا منه. وقد تقدم أن الأمير دولات باي ولي نيابة حلب ونيابة الشام قبل سيباي، فبموجب ذلك لم يوافق الأمير دولات باي على أن سيباي يجلس فوقا منه.
وفيه خلع السلطان على أبي البقا بن إبراهيم مستوفي الخاص، وقرره في نظر الإسطبل السلطاني عوضا عن محمد بن فخر الدين كاتب المماليك بحكم صرفه عنها. وقد جمع أبو البقا بين استيفاء الخاص ونظر الإسطبل.
وفي يوم الجمعة لبس السلطان الصوف وقلع البياض، ووافق ذلك سادس هاتور القبطي.
وفيه عاد خاير بيك المعمار من بناء الخان والأبراج التي أنشأها السلطان في العقبة، فلما عاد أقام مدة يسيرة ورسم له السلطان بأن يتوجه إلى مكة من البحر الملح، ويأخذ صحبته جماعة من البنائين والنجارين والمهندسين، وقد أمر السلطان ببناء مارستان ورباط في مكة، وأن يبلط الحرم ويجري عين ماء بازان إلى مكة، فخرج في أثناء هذا الشهر وتوجه إلى الطور.
وفيه وقعت فتنة بين العبيد وصاروا يقتلون بعضهم بعضا حتى أعيا الوالي أمرهم.
وفيه جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بأن الأمير محمد بيك لما توجه إلى الجون بسبب إحضار الأخشاب صادف مراكب فيها فرنج يعبثون في البحر على التجار فتحارب معهم وانتصر عليهم، وقتل منهم جماعة كثيرة، وأسر الذي بقي منهم، وغنم ما كان معهم في المراكب، وهو أشياء كثيرة تقدر بنحو من مائة ألف دينار، فسر السلطان لهذا الخبر.