وفي ذلك اليوم طلع شرف الدين الصغير، ناظر الدولة، والزيني بركات بن موسى المحتسب، وعرضوا عليه اللحم والغنم والخبز والدقيق والسكر وهو فوق على رؤوس الحمالين، فخلع عليهما السلطان، وخلع على تغري برمش الوزير، وكان يوما مشهودا.
وفي يوم الأحد تاسع شهر رمضان، حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد صاحب بغداد، وهو شخص يسمى بيرك. فلما بلغ السلطان حضوره أنزله بدار الأشرف جان بلاط التي بحارة عبد الباسط، ورتب له ما يكفيه.
فلما كان يوم الخميس، ثالث عشر رمضان، أوكب السلطان بالحوش بغير شاش ولا قماش، واجتمع الحوش سائر الأمراء، ورسم بأن يزينوا باب الزردخاناه الذي عند الجامع، فزينوه باللبوس وآلة السلاح والصناجق السلطانية … ثم طلب السلطان القاصد، فطلع صحبة المهمندار وقابل السلطان، وقرأ كتابه الذي حضر على يده.
وكان سبب حضور هذا القاصد أن متملك بغداد مراد خان بن يعقوب بن حسن الطويل كان متوليا على بغداد، فزحف عليه شاه اسمعيل بن حيدر الصوفي فتغلب عليه عسكره ومال إلى الصوفي، فلما رأى ذلك هرب ودخل إلى بلاد السلطان وأرسل قاصده إلى السلطان بأن يمده بعسكر حتى تحارب الصوفي، فأكرم السلطان ذلك القاصد وأحسن إليه، وهذه الواقعة تقرب من واقعة القان أحمد بن أويس، متملك بغداد، وقد زحف عليه تمرلنك، فهرب منه والتجأ إلى الملك الظاهر برقوق، وقد تقدم القول على ذلك في موضعه.
وفيه ترافع شمس الدين ابن عوض والمعلم يعقوب اليهودي، فقال ابن عوض أنا أثبت في جهة يعقوب ستين ألف دينار بطريق شرعي، فمال السلطان إلى كلام ابن عوض واعتدل على يعقوب اليهودي، وأودعه في الترسيم على مال يرده.
وفيه أرسل خاير بيك المعمار، الذي توجه إلى عقبة أيلة، بسبب عمارة الأبراج التي أنشأها هناك، والخان والحواصل وإصلاح طريق العقبة، فأرسل للسلطان حجارة زعم أن داخلها معدن النحاس الأصفر، وأنه وجد تلك الأحجار في واد بالقرب من العقبة، فرسم السلطان بسبك تلك الأحجار، فظهر منها بعض شيء من النحاس لا يساوي تعبه، فرجع عن ذلك.
وفي سابع عشره، خلع السلطان على الجمالي يوسف البدري، وقرره في الحسبة عوضا عن الزيني بركات بن موسى، بحكم انفصاله عنها، وخلع على أحمد بن العكام وقرر في برددارية السلطان عوضا عن بركات بن موسى، وكان السلطان تغير خاطره على بركات بن موسى، وأخذ في أسباب الهبوط حتى أخرج عنه التحدث على خانقاه