فألزم بإصلاح ما فسد من الأسلحة، واستمر في الترسيم بعد ذلك مدة طويلة وهو في الحديد.
وفي يوم الاثنين حادث عشره عزل السلطان شرف الدين النابلسي الأستادار، وخلع على الأمير طومان باي الدوادار، وقرره في الأستادارية، عوضا عن شرف الدين النابلسي، فصار الأمير طومان باي أمير دوادار كبير وأستادار العالية، وكاشف الكشاف كما كان الأمير أقبردي. وخلع على شمس الدين بن عوض وقرره ناظر ديوان المفرد.
وفيه جاءت الأخبار بأن العسكر الذي توجه إلى نحو بلاد الهند صحبة الأمير حسين قد انتصر على الفرنج الذين كانوا يتعبثون في البحر، وغنم منهم العسكر غنائم كثيرة، فسر السلطان لهذا الخبر، وأمر بدق الكوسات، فدقت ثلاثة أيام متوالية، ثم أن حسين أرسل يطلب عسكرا ثانيا حتى يتقوى به على من بقي من الفرنج.
وفيه نزل السلطان إلى الميدان وعرض المحابيس، فأطلق منهم جماعة من رجال ونساء، وأبقى الفلاحين وأصحاب الجرائم.
وفي يوم السبت ثالث عشرينه حضر مراكب أغربة عدتها ست، وهي التي كان ناظر الخاص توجه إلى رشيد بسبب عمارتها، فلما وصلت أرسى بها عند رأس الجزيرة الوسطى، فخرج الناس يتفرجون عليها، وقد زينت بالصناجق والشطفات، ودقت فيها الطبول، وزعقت الزمور، واجتمع هناك الناس أفواجا أفواجا.
فلما كان يوم الثلاثاء، سادس عشرينه، نزل السلطان من القلعة وصحبته الأمراء قاطبة والمباشرون، وتوجه إلى نحو طرا، وضربت له هناك الخيام. ثم أحضر بين يديه تلك المراكب الأغربة، فلعبوا قدامه في البحر ذهابا وإيابا والطبول والنفوط عمالة، ورموا قدامه في البحر عدة مدافع، وكان له يوم مشهود، واجتمع هناك الجم الغفير من الناس.
وأقام السلطان هناك إلى بعد العصر، ومد له هناك ناظر الخاص أسمطة حافلة، ولم يقع للسلطان من حين تسلطن يوم مثل ذلك اليوم في القصف والفرجة. فلما ركب من هناك خلع على ناظر الخاص كاملية بسمور، وخلع على رئيس المراكب وجماعته الخلع السنية، ثم عاد إلى القلعة.
*****
وفي رمضان - في يوم مستهله - نزل السلطان إلى الميدان، وطلع إليه الخليفة محمد المتوكل على الله بن يعقوب وهنأ بالشهر، وهو لابس العمامة البغدادية، وهذا أول مواكبه في الخلافة، فقام إليه السلطان وعظمه إلى الغاية، فلما قام دخل بعده قضاة القضاة.