كادت العوام أن ترجمه، وسبوه سبا فاحشا، ولولا كان صحبة الأمير الدوادار لرجموه لا محالة، فلما بلغ السلطان ذلك نادى في القاهرة بأن لا أحد من الناس يتعرض لابن سبع، ولا يسبه، ومن فعل ذلك شنق من غير معاودة، فتكلم الناس في حق السلطان، بأنه أخذ من ابن سبع مالا له صورة وضيع حقوق الحجاج فيما فعل بهم.
وفي يوم الجمعة الموافقة لثامن هاتور القبطي، قلع السلطان البياض ولبس الصوف، وكان أشيع بين الناس أن السلطان ينزل إلى المطعم، ويلبس الأمراء الصوف هناك ويوكب ويشق القاهرة، فلم يتم ذلك وبطل هذا الأمر، فلبس الصوف يوم الجمعة وخرج إلى الجامع.
وفي هذه السنة كبرت الأمراء تخافيفهم، وطولوا قرونهم، حتى خرجوا في ذلك عن الحد، وقد قال القائل في المعنى:
قد لبس كل كبش … قرونه يا لها قرون
فرحت من ذاك مستريحا … لا صوف عندي ولا قرون
وفيه خلع السلطان على شمس الدين بن عوض، واستقر به مستوفي الدواوين.
وفيه تغير خاطر السلطان على شرف الدين يونس النابلسي الأستادار، فرسم عليه ووضعه في الحديد، وسجنه بالعرقانة هو وأخاه زين الدين.
وفيه حضر علاء الدين ناظر الخاص، وكان مسافرا نحو الرشيد بسبب أمر المراكب التي عمرها السلطان لأجل التجريدة، فلما قابل السلطان خلع عليه ونزل إلى داره في موكب حافل.
وفي ذلك اليوم حضر الأمير محمد بيك، وكان توجه بسبب عرض المراكب المعينة للتجريدة.
وفي هذا الشهر وقعت تشحيطة بالقاهرة، وعز وجود الخبز من الأسواق، وبلغ سعر القمح كل أردب خمسمائة درهم، وعز وجود التبن أيضا وتناهى سعره كل حمل بدينار.
*****
وفي شعبان طلع القضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وطلع الخليفة المستمسك بالله يعقوب، فوقع بينه وبين ابن عم أبيه خليل تشاجر فاحش بمجلس السلطان، فقال خليل للخليفة يعقوب:"أنت ولايتك ما تصح فإنك أعمى"، وكان الخليفة يعقوب بعينيه ضعف، فقام إليه