اضمر على النيل فانظر ما تسر به … إذا ضمرت فما في الفال إشكال
لفالك الماء رمل والنسيم به … مبدي ضميرك والتجعيد أشكال
ومن الحوادث: أن في هذا الشهر وقع غالب البيوت التي بالروضة من قوة عزم الماء، وقد هري البحر الجانب الغربي، فرمي البيوت المحكمة البناء، وهذا قط ما اتفق سوى في هذه السنة.
وفيه كان انتهاء العمل من المجراة، التي أنشأها السلطان كما تقدم، فدارت هناك الدواليب، وجرى الماء في المجراة، حتى وصل إلى الميدان الذي تحت القلعة، ثم أن السلطان صنع هناك سواقي نقالة، وبنى ثلاثة صهاريج تمتلئ من ماء النيل، برسم المماليك الذين يلعبون الرمح في الميدان، وشرع في بناء بحرة في وسط ذلك البستان الذي أنشأه بالميدان، فكان طول تلك البحرة نحوا من أربعين ذراعا، وقيل أكثر من ذلك، وبنى هناك عدة مقاعد ومناظر مطلات على ذلك البستان، وفك رخام قاعات الأتابكي أزبك التي أنشأها بالأزبكية، ونقل ذلك إلى الأماكن التي أنشأها بالميدان، وصارت هذه البحرة تمتلئ كل يوم بماء النيل، وفائضها يسقي البستان، فجاءت كما يقال في المعنى:
تهنأ بها يا أيها البحر بحرة … حكتك فما تنفك باسطة يدا
لها في هبوب الريح تجعيد مبرد … فمن أجل ذا تجلو عن المهج الصدا
وقال آخر:
عجبت منها بحرة بيضت … بخافقي كسنا البارق
كيف غدا الماء بها ساكنا … يرهو وقلب الماء خافق
*****
وفي رجب حضر يحيى بن سبع، الذي كان أمير الينبع، وجرى منه في حق الحجاج ما تقدم ذكره، فأرسل إليه السلطان منديل الأمان، فحضر وقابل وكان قد أظهر العصيان مدة طويلة. فطلع وعلى رأسه منديل الأمان، فخلع عليه السلطان، فلما نزل من القلعة،