ومن الحوادث في هذا الشهر، أن شخصا يقال له عمر بن علاء الدين النقيب الحنفي المحلي، وكان خطيبا ببعض الجوامع، فقيل عنه إنه وقع في حق سيدنا إبراهيم الخليل ﵇ بكلام فاحش لا ينبغي أن يذكر، فضبطوا عليه ذلك … ثم أن بعض القضاة استتوبه، وحكم شمس الدين الحليبي بحقن دمه. فلما بلغ السلطان ذلك تعصب لإبراهيم الخليل ﵇، وقال:"ما أرجع حتى أضرب عنق هذا القائل لهذا الكلام". فأمر بعقد مجلس بحضرته وجلس في الدهيشة وأرسل خلف القضاة الأربعة، فحضر جمال الدين القلقشندي الشافعي، وسري الدين عبد البر بن الشحنة الحنفي، وبرهان الدين الدميري المالكي، والشهاب أحمد بن الشيشيني الحنبلي، ثم أمر السلطان بإحضار القضاة المنفصلين، فحضر شيخ الإسلام زين الدين زكريا الشافعي، وحضر برهان الدين ابن أبي شريف الشافعي، وبرهان الدين بن الكركي الحنفي، وجماعة من مشايخ العلم، منهم الشيخ نور الدين المحلي، والشيخ عبد الحق السنباطي الشافعي وغير ذلك من المشايخ والعلماء.
فلما تكامل المجلس تباحثوا في هذه المسألة، فقال الشيخ زكريا:"مذهبنا أن هذا القائل إذا تاب إلى الله تعالى واستغفر تقبل توبته". ووافقه على ذلك ابن أبي شريف، فحصل في ذلك المجلس بعض تشاجر بين قاضي القضاة عبد البر بن الشحنة وبين الشيخ نور الدين المحلي، وأحضر كل من العلماء النقول في هذه المسألة … وانفصل المجلس مانعا على أن هذا القائل يسجن مدة طويلة حتى يتوب، ثم انفض المجلس على ذلك، والسلطان قد صمم على ضرب عنق هذا القائل، فتوجهوا به إلى السجن فسجن، وهذا ما كان من ملخص هذه الواقعة.
وفيه حضر الأمراء الذين كانوا توجهوا صحبة الأمير أزدمر الدوادار إلى نابلس، وأحضروا صحبتهم جثة الأمير أزدمر وهي في سحلية، فدفن في تربته التي أنشأها بالقرب من باب الزغلة، وانطوى أمره، وخلا منه المكان، ودخل في خبر كان.
*****
وفي جمادى الآخرة، في يوم السبت ثانيه، رسم السلطان بتوسيط شخص من العربان المفسدين، يسمى عبيد بن أبي الشوارب، فوسطه عند قنطرة الحاجب، ووسط معه أيضا شخصا يسمى قاسم الغريب، وكانا من كبار المفسدين بالشرقية.
وفي يوم الاثنين رابعه خلع السلطان على الأمير طومان باي ابن أخيه وقرر في الدوادارية الكبرى عوضا عن الأمير أزدمر بن علي باي بحكم وفاته، فنزل من القلعة في موكب حفل، وسكن في دار الأمير أزدمر فيما بعد، ورسم السلطان للأمير يشبك الفقيه،