للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ربيع الآخر خلع السلطان على القاضي شرف الدين الصغير وقرر في كتابة المماليك عوضا عن فخر الدين بن العفيف بحكم صرفه عنها، فتضاعفت عظمة شرف الدين الصغير، وصار ناظر الدولة كاتب المماليك مستوفيا على الدواوين وغير ذلك من الوظائف.

وفيه جاءت الأخبار من عند نائب حلب بأن إسماعيل شاه بن حيدر الصوفي، المقدم ذكره، قد تحرك على بلاد السلطان، ووصل أوائل عسكره إلى ملطية، وحكوا عنه أمورا شنيعة في أفعاله … فلما بلغ السلطان ذلك تنكد إلى الغاية، وجمع الأمراء وضربوا مشورة في أمر الصوفي، فأشار الأمراء على السلطان بأن يرسل إليه تجريدة، فنادى للعسكر بالعرض، فطلع العسكر قاطبة إلى القلعة فعرضهم - وكان قاصد ابن عثمان حاضرا، وخليل بيك بن رمضان أمير التركمان - فكتب من العسكر نحوا من ألف وخمسمائة مملوك، وعين من الأمراء المقدمين في ذلك اليوم خمسة، وهم: قاني باي قرا أمير آخور كبير، وجعله باشا على العسكر، وصحبته أرزمك الناشف أحد المقدمين، ودولات باي قرموط، وقانصوه كرت، وتاني بك الخازندار. وعين من الأمراء الطبلخانات والعشراوات نحوا من عشرين أميرا. ثم عين بيبرس أمير آخور ثاني قرابته بأن يتوجه إلى حلب، ويعلم النواب بمجيء العسكر، وليجتهدوا في عمل اليرق، وأن نائب حلب يجمع عساكر حلب، ويخرج ليحرس أطراف البلاد ويكشف الأخبار، ثم بطل ذلك جميعه فيما بعد، كما يأتي الكلام على ذلك في موضعه.

*****

وفي جمادى الأولى - في ثامنه - حضر أبرك نائب قلعة حلب، وقد انفصل عنها ووقع بينه وبين نائب حلب تشاجر، وأصله من مماليك السلطان. فطاش وفتك بحلب، ولم يستشن لنائب حلب بشأن.

وفيه جاءت الأخبار بأن عساكر الصوفي عدت من الفرات، ووصل جاليشهم إلى أطراف بلاد السلطان، وأن علي دولات جمع التركمان، وخرج إليهم وتحارب معهم.

فلما جاءت هذه الأخبار، اضطربت القاهرة وماجت، ونادى السلطان للعسكر بأن أول النفقة يوم الاثنين. وكان قد أشيع بين الناس بأن التجريدة بطالة، فأهمل العسكر ذلك حتى طرقتهم هذه الأخبار، فعند ذلك شرع المماليك يكبسون على الطواحين والإسطبلات بسبب البغال والأكاديش، وكان السلطان أخر أمر النفقة إلى أن يحضر الأمير أزدمر الدوادار، وكان توجه إلى الكرك ونابلس بسب عربان بني لام. فلما جاءت هذه الأخبار أنفق

<<  <  ج: ص:  >  >>