للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء حادي عشره عمل السلطان المولد النبوي، واجتمع القضاة الأربعة والأمراء المقدمون على العادة، ونصب الخيمة الكبيرة المدورة التي صنعها الأشرف قايتباي وصرف عليها نحوا من ثلاثين ألف دينار، وكان مولدا حافلا.

وفي رابع عشره جاءت الأخبار من عند الأمير أزدمر الدوادار أنه لما توجه إلى الكرك ونابلس، قاتل عربان بني لام الذين كانوا من عصبة يحيى من سبع، فانتصر عليهم وقتل منهم جماعة كثيرة، وأسر من كبارهم نحو عشرة أنفار، وملك منهم مدينة الكرك.

فلما تحقق السلطان ذلك أمر بدق الكوسات بالقلعة، وكانت القاهرة مزينة من حين دخل العسكر، فصارت الفرحة فرحتين.

وفي يوم الخميس تاسع عشره، خلع السلطان على الأمير طراباي رأس نوبة النوب، وقرره في أمرة ركب المحمل، وقرر قانصوه أبا سنة والي القاهرة بالركب الأول.

وفي ذلك اليوم نادى السلطان في القاهرة بأن الناس تحج في هذه السنة مطلقا من رجال ونساء على العادة، فارتفعت الأصوات له بالدعاء، وكان من أعظم فرحات الإسلام.

وفيه تغير خاطر السلطان على القاضي فخر الدين ابن العفيف كاتب المماليك، فعزله ورسم عليه، وقرر عليه ألفي دينار يوردها للخزائن الشريفة، وكان هذا آخر عزل القاضي فخر الدين وولاياته.

وفيه كان وفاء النيل المبارك، ووافق ذلك عاشر مسري، وفتح السد في اليوم الحادث عشر من مسري، ووقع في زيادة هذا النيل أمور غريبة، وهو أنه سلسل في أول الزيادة، فلما كان سادس مسري زاده الله ثلاثين أصبعا في يوم واحد، ثم في اليوم السابع منها زاد الله فيه عشرين أصبعا، ثم في اليوم الثامن منها زاد الله فيه أيضا عشرين أصبعا، وكانت زيادته سبعين أصبعا في ثلاثة أيام … واستمرت الزيادة عمالة مترادفة حتى أوفي الله

فتوجه الأتابكي قرقماس، وفتح السد على العادة، وكان له يوم مشهود، كما يقال في المعنى:

سد الخليج بكسره جبر الورى … طرا فكل قد غدا مسرورا

البحر سلطان فكيف تواترت … عنه الأشائر إذا غدا مكسورا

وفيه توفي شرف الدين بن أبي الخير كاتب الجرافة مباشر الأمير طراباي، وكان من وسائط السوء عنده.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>