وفيه جاءت الأخبار أن عربان الشرقية هاجوا ونهبوا الضياع، فعين لهم السلطان في ذلك اليوم تجريدة، وعين بها من الأمراء سودون العجمي أمير مجلس، وأنصباي حاجب الحجاب، وتمر الزردكاش أحد المقدمين، ودولات باي قرموط، ومن المماليك السلطانية نحوا من خمسمائة مملوك، فخرجوا من يومهم … وقد تقدم القول بأن الأتابكي قرقماس خرج قبل ذلك إلى نحو الشرقية والغربية، فلما سمع بمجيء العسكر لاقاهم من هناك.
*****
وفي ربيع الأول رسم السلطان للقاضي علاء الدين ناظر الخاص بأن يتوجه إلى جدة.
وقد بلغ السلطان أنه وقع تشاجر بين حسين باش العسكر الذي هناك، وبين علي المسلاتي المغربي، فخرج ناظر الخاص ليكشف عن حقيقة ذلك، وعين معه السلطان نحوا من خمسين مملوكا تقوية للعسكر الذي هناك.
وفيه كان روجع الأمراء والعسكر الذين توجهوا للشرقية، بسبب فساد العربان، فرجعوا بغير طائل من ذلك.
وفيه رسم السلطان بشنق أحمد بن مهنا شيخ بني وائل، فسمروه هو وأقاربه، وطافوا بهم القاهرة، ثم شنقوا أحمد بن مهنا على باب النصر. وكان ذنبه أنه هرب من السجن، وقتل السجان وكسر القيد، وكان من شرار العربان، فلما ظفر به شنقه.
وفي يوم الثلاثاء عاشره، كان دخول العسكر المتوجه إلى الحجاز بسبب محاربة يحيى بن سبع، فدخل الأمير خاير بك باش العسكر، وقنبك رأس نوبة ثاني المتوجه صحبته، وبقية الأمراء والعسكر، فكان لهم يوم مشهود. ودخل المحمل صحبتهم، فزينت لهم القاهرة، ودقت لهم الكوسات بالقلعة، ودخل صحبتهم ثمانمائة رأس من رؤوس العربان، من بني إبراهيم الذين قتلوا في المعركة، فأشهروهم على رماح، والمشاعلية تنادي عليهم
فلما طلع الأمراء إلى القلعة خلع عليهم السلطان، ونزلوا إلى دورهم. فكانت مدة غيبتهم في هذه التجريدة ثمانية أشهر وأياما. وقد بيضوا وجههم بهذه النصرة التي وقعت لهم، وفتحوا درب الحجاز فتحا ثانيا في الإسلام، بعد أن كاد الحج ينقطع، فلله الحمد على ذلك
وقد شق على السلطان مجيء العسكر، وكان قصده أن يتبعوا يحيى بن سبع حيث توجه حتى يقطعوا جادرة بني إبراهيم عن آخرهم. وكان العليق هناك ما يوجد، والموت في الجمال كثيرا فتقلق العسكر، وطلب المجيء.