صحبتهم هجار بن دراج الذي قرر في أمرة الينبع، عوضا عن يحيى بن سبع، وخرج صحبتهم المحمل الشريف، فكان لهم يوم مشهود … لكن رسم السلطان بأن امرأة لا تخرج صحبة العسكر، ومنعوا من ذلك، وخرج صحبة الأمير خاير بك نحو من مائة قواس، فأقام المحمل لما خرج بالريدانية إلى يوم الأربعاء تاسعه، ثم رحل من هناك صحبة العسكر. ولما خرج الأمير خاير بك رسم السلطان لجان بردي، تاجر المماليك الذي كان غضب عليه وسجنه بالبرج، بأن يخرج صحبة العسكر منفيا إلى مكة ويقيم بها.
وفي ذلك اليوم رسم بإخراج قلج أمير آخور ثاني إلى حلب منفيا، وقد تقدم أنه غضب عليه.
وفي يوم الجمعة حادي عشره صلى السلطان بالجامع، وجلس على باب الستارة، وخلع على الأمير دولات باي المقدم ذكره، وقرره في أمرة السلاح عوضا عن سيباي بحكم انتقاله إلى نيابة الشام.
*****
وفي شعبان عرض السلطان المحابيس والنساء التي بالحجرة، وأطلق منهم جماعة وصالح عنهم من رباب الديون من ماله.
وفيه وصل إلى السلطان من البلاد الشامية صناديق خشب وفيها أشجار بطينها ما بين تفاح شامي وكمثري وسفرجل وقراصية وكروم عنب، وأشجار مزهرة ما بين ورد أبيض، وسبوسان، وزنبق، وغير ذلك من الأزهار الشامية، حتى أحضر إليه شجرة جوز هند بطينها … فغرس ذلك جميعه بالميدان الذي تحت القلعة، فكانوا نحوا من مائة وخمسين حملا، فعد ذلك من النوادر اللطيفة.
وقد تقدم أنه أنشأ به مناظر ومقاعد وأماكن للمحاكمات، ورمي بأرضه الأحمال الطين.
وكان السلطان مولعا بغرس الأشجار، وحب رؤية الأزهار، والرياضات. وهذه الأخبار تقرب من أخبار خماروية بن أحمد بن طولون، حيث أنشى بستانا بالقرب من جامع أبيه الذي أنشأه بأعلى الكبش، وقد تقدم ذكر ذلك. ولما كملت عمارة هذا الميدان صار من جملة متنزهات الديار المصرية، وصار السلطان ينزل إليه في كل يوم، ويعمل به المواكب في غالب الأيام، وكان أكثر إقامته به لأجل التنزه. وقد صار هذا الميدان مثل غوطة دمشق، ما بين أشجار ومياه جارية حتى عد ذلك من النوادر، وقد قلت في المعنى: