وفيه تغير خاطر السلطان على الزيني فرج الحاجب، ورسم بتسليمه إلى بركات بن موسى، وقرر عليه عشرة آلاف دينار، ثم آل أمره إلى أن حط عنه خمسة آلاف دينار، ويرد خمسة آلاف، فباع جميع قماشه ورزقه وما يملكه، وأقام مدة طويلة وهو في التنكيل به، وقاسى شدائد ومحنا عظيمة. وسبب ذلك أن أنصباي حاجب الحجاب أمره أن يحرس بعض الجسور في أيام النيل، فامتنع من ذلك، فطلع أنصباي وشكاه إلى السلطان، فجرى عليه ما جرى، وموجب هذا كله خسة نفسه وشحه أوجب ذلك، كما يقال:
ورب جار لنا شحيح … ليس له بالجميل عاده
أعظم شيء تراه منه … مساكم الله بالسعاده
وفيه جلس السلطان بالحوش، وأحضر المصحف العثماني، وحلف عليه سائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، وموجب ذلك كثرة الإشاعات بأمر الوثوب على السلطان.
وفي ذلك اليوم خلع على الأمير نوروز أغات أزدمر الدوادار وقرره تاجر المماليك عوضا عن الأمير جان بردي المغضوب عليه.
وفيه خلع على بيبرس قريب السلطان، وقرر أمير آخور ثاني، عوضا عن قلج المغضوب عليه.
وفيه خلع السلطان على شمس الدين محمد بن فخر الدين، كاتب المماليك، وقرره في نظر الإسطبل عوضا عن ابن مزاحم بحكم وفاته.
وفيه رسم السلطان بإخراج هؤلاء الأمراء الذين قبض عليهم، فنفى بيبردي أخا الأشرف جان بلاط وتنم المقري إلى البلاد الشامية، فتسلمهما الوالي وهما في قيود، وتوجه بهما إلى الخانكاه، فرسم لأحدهما بالتوجه إلى طرابلس، والآخر إلى حلب. وأما جان بردي وقلج فاستمرا في البرج، وهما في قيود وزناجير حتى يكون من أمرهما ما يكون.
وفيه جاءت الأخبار من الكرك بأن عربان بني لام كسروا ملاج نائب القدس، وقتلوا من المماليك السلطانية الذين خرجوا معه في التجريدة جانبا كبيرا، فلما بلغ السلطان ذلك تنكد إلى الغاية، وكتب عدة مراسيم إلى نائب الشام، ونائب طرابلس، ونائب صفد، بأن يجمعوا العساكر ويزحفوا على العربان من بني لام.
وفي هذا الشهر تزايد فساد العربان بالشرقية والغربية، حتى أعيا الكشاف أمرهم، واضطربت الأحوال جدا.
وفيه توفي الصارمي إبراهيم بن جكم، وكان من أعيان أولاد الناس وكان لا بأس به.
وفيه كانت الأسعار مشتطة في سائر البضائع والغلال.
*****