للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن أبا ظاهر القرمطي نقل ما نهبه من الأموال وغيرها إلى هجر، واستمر الحج منقطعا من بغداد وغيرها من البلاد نحوا من عشرين سنة لم يحج فيها إلى البيت أحد.

فلما كانت خلافة الراضي بالله أحمد بن المقتدر، مشى أبو علي بن يحيى العلوي بين طائفة هذه القرامطة وبين الخليفة بالصلح، حتى أذنوا للناس بالحج، وجعلوا على الحجاج في كل سنة نحوا من خمسين ألف دينار تعطى حتى يمكنوهم من الدخول إلى مكة، وهذا أول مكس أخذ على الحجاج من يومئذ، وكان ذلك في سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة. وقيل إن أبا علي بن يحيى العلوي تلطف بالقرامطة حتى ردوا الحجر الأسود وباب الكعبة إلى مكانهما بعد جهد كبير. أورد ذلك ابن الجوزي، انتهى ما أوردناه من هذه الواقعة، ومن هنا نرجع إلى أخبار دولة الغوري.

*****

وفي ذي القعدة، ركب القاضي كاتب السر محمود بن أجا، وطلع إلى القلعة، وكان له مدة طويلة وهو منقطع في داره بسبب توعك جسده حتى شفي، فلما طلع إلى القلعة، خلع عليه السلطان ونزل من القلعة في موكب حافل، وقدامه القضاة الأربعة وأعيان المباشرين قاطبة.

وفيه جاءت الأخبار بوصول الأمير جانم المصبغة، الذي كان حاجب الحجاب بمصر، وخرج مع الأمير أقبردي الدوادار لما انكسر، فلما مات أقبردي أقام جانم هذا بدمشق، وقد نسي أمره مدة طويلة، فشفع فيه بعض الأمراء، فرسم السلطان بإحضاره إلى القاهرة، فلما وصل إلى غزة مرض واستمر عليلا حتى دخل خانقة سرياقوس، فمات بها ولم يدخل إلى القاهرة، فلما مات هناك حملت جثته ودفن بالصحراء. وكان أميرا جليلا، رئيسا حشما، وولي عدة نيابات سنية ثم بقي حاجب الحجاب بمصر، وكان من حلف أقبردي الدوادار، وجرى عليه شدائد ومحن، وفاته القتل مرارا عديدة، وكان من خيار مماليك الأشرف قايتباي.

وفيه سافر تغري بردي الترجمان إلى نحو بلاد الفرنج، وأخذ معه كتاب البترك، وكان قد تزايد تعبث الفرنج بالسواحل وأخذ أموال التجار.

وفي يوم الخميس ثاني عشرينه، خلع السلطان على قاضي القضاة الشافعي، محيي الدين عبد القادر بن النقيب، وأعاده إلى قضاء الشافعية - عوضا عن جمال الدين القلقشندي - بحكم صرفه عنها، فكانت مدة جمال الدين القلقشندي في القضاء نحوا من ستة أشهر، وقد سعى فيها بثلاثة آلاف دينار، ثم سعى عليه ابن النقيب بخمسة آلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>