للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينار، وغرم نحوا من ألفي دينار للذي سعى له من الأمراء وغيرهم، وكان الساعي له الأمير أزدمر الدوادار وغيره من خواص السلطان، وهذه ثالث ولاية وقعت لابن النقيب بمصر، وقد نفد منه مال له صورة على ولاية القضاء، ولم يقم بها في الثلاث مرات إلا مددا يسيرة ويعزل عنها، فكان كما يقال في المعنى:

يفنى البخيل بجمع المال مدته … وللحوادث والأيام ما يدع

كدودة القز ما تبنيه تهدمه … وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

وكان غير مشكور السيرة، رث الهيئة، يجافي النفس، يزدريه كل من يراه، وقد قال فيه بعض شعراء العصر مداعبة لطيفة، وهو قوله:

قاض إذا انفصل الخصمان ردهما … إلى جدال بحكم غير منفصل

يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها … جهرا ويقبل سرا بعرة الجمل

وقال آخر وقد أفحش في حقه جدا، فلا حول ولا قوة إلا بالله وأنا أستغفر الله تعالى من ذلك:

يا أيها الناس قفوا واسمعوا … صفات قاضينا التي تطرب

يلوط. يزني. ينتشي. يرتشي … ينم. يقضي بالهوى. يكذب

وفي هذا الشهر كثر الحريق بالقاهرة، وصار في كل ليلة يحترق عدة أماكن، بسبب الدريس، الذي يكون ببيوت الأتراك، وكانت المماليك أكثرت من خزن الدريس في هذه السنة، وصارت المماليك يمسكون الناس من الطرقات غصبا، ويحبسونهم عندهم أياما بسبب نقل الدريس، وتعطلت أحوال الناس بسبب ذلك، حتى صنف العوام رقصة وهم يقولون:

اهرب يا تعيس … وإلا يحملوك الدريس

*****

وفي ذي الحجة - في يوم الخميس سابعه - خرج سيباي الذي قرر في نيابة الشام، فكان له يوم مشهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>