للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رمضان تغير خاطر السلطان على شخص من الأتراك، يقال له الشيخ سنطباي، وكان يدعي التصوف، وكان مقيما بالمدرسة السنقرية التي تجاه خانقة سعيد السعداء، فوشي به عند السلطان أنه يضرب الدراهم والدنانير الزغل، فأرسل قبض عليه، فوجد عنده عدة ضرب الزغل، وكان عنده جماعة يفعلون ذلك، فأمر السلطان بقطع أيديهم، وأما الشيخ سنطباي فشفع فيه الأتابكي قرقماس من قطع اليد، فرسم له السلطان بأن يتوجه إلى القدس ويقيم به بطالا. وكان الشيخ سنطباي أصله من مماليك الأشرف قايتباي، وكان يدعي الصلاح فانكشف رخه وظهر للناس أمره، وقد قال فيه القائل:

يا من بضرب الفلس صار مشتغل … وما رأيناه قط يضرب ذهب

إلا بطول الدهر ضراب فلوس … ولحد ضرب الفلس عقله ذهب

وفيه جاء شخص من بلاد جركس وهو صبي صغير زعموا أنه أخو السلطان، وكذلك حضر آخر زعموا أنه أخو الأمير أزدمر الدوادار فأنزلوهما بالطبقة.

وفيه كان ختم قراءة صحيح البخاري، وكان الختم بالحوش السلطاني، وقد نصبت هناك خيمة كبيرة، وكانت العادة القديمة بأن البخاري يقرأ بالقصر، ويختم بالقصر الكبير، ويكون له يوم مشهود، وتفرق هناك الخلع على القضاة ومشايخ العلم وكذلك الصرر، فبطل ذلك وصار البخاري يقرأ بجامع القلعة، ويختم بالحوش، فتكون ساعة يسيرة، ثم ينفض ذلك المجلس عن أمر هين.

*****

وفي شوال كان موكب العيد حافلا وفرقت الخلع على الأمراء ونزلوا إلى دورهم، وكان يوما مشهودا.

وفيه جاءت الأخبار من دمشق، بأن أهل المدينة ثاروا على نائبها أركماس بن طراباي، ورجموه وأخرجوه من المدينة، فلما بلغ السلطان ذلك أرسل بالحضور إلى أركماس نائب الشام، وعين نيابة الشام إلى سيباي أمير سلاح. ثم أن السلطان قبل أن يخلع عليه، رسم له بأن يتوجه إلى بيت الأمير أزدمر الدوادار، وأن يحضر الخليفة المستمسك بالله يعقوب، والقضاة الأربعة، ويحلفوه بحضرتهم. فلما تكامل المجلس أحضروا سيباي وحلفوه على مصحف شريف، وكتبوا عليه صورة حلف بأنه لا يعصي على السلطان، ولا يخامر ولا يخون الأيمان، وشهد عليه الخليفة والقضاة الأربعة بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>