للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه خلع السلطان على شخص من الأمراء الطبلخانات يقال له قاني باي العثماني، وقرره في نيابة صفد - عوضا عن قانصوه قرا - بحكم وفاته.

وفيه حضر شخص من فقراء الصعيد يقال له: مهدي، فلما مثل بين يدي السلطان قامت عليه البينة بأنه زنديق ساحر يتوضأ باللين ويستنجي به، وذكروا عنه أشياء كثيرة من هذا النمط تخالف الشريعة، فأرسله السلطان إلى قاضي القضاة المالكي، فحكم بكفره، بموجب ما قامت به عليه البينة، وضرب عنقه تحت شباك المدرسة الصالحية، بعد أن أشهروه على جمل وهو عريان.

وفيه كان دخول الأمير طراباي رأس نوبة النوب، على أخت خوند الخاصبكية وهي زوجة الأمير اقبردي الدوادار، فكان لهما مهم حافل. وفيه خرج قاني باي العثماني الذي قرر في نيابة صفد إلى محل ولايته بها.

وفيه وقعت نادرة لطيفة وهي أن الشيخ جمال الدين السلموني الشاعر، هجا القاضي معين الدين ابن شمس، وكيل بيت المال هجوا فاحشا، فمن جملة ذلك هذا البيت:

وحرفته فاقت على كل حرفة … يركب ياقوتا على فص خاتمه

فلما بلغ معين الدين ذلك، شكا السلموني إلى السلطان، فقال له إن وجب عليه شيء بالشرع أدبه، فنزل ووضع السلموني في الحديد، وأتى به إلى بيت قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة، وادعى عليه، فضربه عبد البر وعزره وأشهره على حمار وهو مكشوف الرأس. وقد ورد في بعض الأخبار أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول من عاقب على الهجاء، وقد قال بعض شعراء العصر في واقعة السلموني بيتين هما:

وشاعر قد هجا شخصا فحل به … من حاكم الشرع توبيخ وتعزير

فأشهروه وجازوه بفعلته … تبا له شاعر بالهجو مشهور

فلما بلغ السلطان ما فعله معين الدين بن شمس بالسملوني، شق ذلك عليه ووكل به وأمر بقطع لسانه، فإنه قال السلطان رسم لي بأن أشهر السلموني، ولم يكن السلطان رسم بشيء من ذلك، واستمر ابن شمس في الترسيم مدة طويلة حتى تراضى السلطان بمال له صورة، حتى رضي عليه وألبسه خلعة.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>