للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتّفق على أنّ المكتوب في المصاحف متواتر الكلمات والحروف، فإن نازع في تواتر السبع أحد، قلنا له: ما تقول في قراءة ابن كثير مثلا في سورة التوبة: «تجرى من تحتها الأنهار» بزيادة «من»، وقراءة غيره: بإسقاطها؟.

فإن قال: متواترة فهو الغرض، وإن منع تواتر ذلك فقد خرق الإجماع المنعقد على ثبوتهما، أو باهت فيما هو معلوم منهما، وإن قال: بتواتر بعض دون بعض تحكّم فيما/ليس له؛ لأن ثبوتهما في الرتبة سواء، فلزم التواتر في قراءة السّبعة " (١)، اه.

ثمّ إن التواتر شامل للأصول والفرش، هذا هو الذي عليه المحققون.

وأمّا قول ابن الحاجب:" القراءات السّبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمدّ والإمالة، وتخفيف الهمزة ونحوه " (٢)، أي: فإنّه غير متواتر فليس المراد من قوله:" كالمدّ "أصل المدّ، فإنّه متواتر، بل مقدار المدّ المزيد فيه على أصله هل يقتصر فيه على قدر ألفين كما قدر فيه مدّ الكسائي وابن عامر، أو ثلاث كما قدر به لحمزة وورش، فكلّ هذه الهيئات للمدّ غير متواترة عند ابن الحاجب، وأبي حنيفة، كما صرّح به غير واحد من أئمة التّحقيق.

وقال ابن الجزري متعقبا مقال ابن الحاجب:" أمّا المدّ فأطلقه وهو لا يخلوا إمّا أن يكون طبيعيا أو عرضيا، والطبيعي: هو الذي لا تقوم ذات حرف المد دونه كالألف من: «قال»، والواو من «يقول»، والياء من «قيل»، وهذا لا يقول أحد بعدم تواتره إذ لا تمكن القراءة بدونه، والمد العرضي هو الذي يعرض زيادة على الطبيعي لموجب: إمّا سكون أو همز؛ فأمّا السّكون فقد يكون لازما كما في فواتح السّور، وقد يكون مشددا نحو: ﴿الم﴾ ونون ﴿وَلا الضّالِّينَ﴾ فهذا يلحق بالطّبيعي فلا يجوز فيه القصر لأنّ المدّ قام مقام حرف توصّلا للنطق بالساكن.


(١) التوبة/ ١٠٠، فتح الوصيد ٢/ ٢١٣.
(٢) رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب ٢/ ٩١، النشر ١/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>