للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾ … (١) حتى خاتمة براءة، فكانت الصّحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر، رواه البخاري.

قال في (فتح الباري) ممّا عزاه للخطّابي: "يحتمل أن يكون إنّما لم يجمع القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلمّا انقضى نزوله بوفاته ألهم الله [ذلك] الخلفاء الراشدين وفاء بوعده الصّادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية زادها الله تعالى شرفا فكان ابتداء ذلك على يد الصّديق بمشورة عمر" (٢)، انتهى.

قال ابن الباقلاني: وكان الذي فعله الصّديق فرض كفاية بدلالة قوله : "لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن"، مع قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾، وقوله: ﴿إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى﴾، وقوله: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً﴾، قال: فكلّ أمر يرجع لإحصائه وحفظه فهو واجب على الكفاية، وكان ذلك من النّصيحة لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم.

[واستدل غيره من العلماء بقوله تعالى: ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ﴾، وقوله تعالى:

﴿وَكُتُبِهِ﴾ (٣)، وذلك إرشاد إلى أن كلامه الموحى إلى رسله طريق تخليده تدوينه في الصحف، وأكد ذلك ما روي عن النبي أنه قال: "قيدوا العلم بالكتاب"، أي بالكتابة، وهما مصدر «اكتب» فدل هذا الأمر على مشروعية كتابة القرآن العظيم وغيره من العلوم الأمية] (٤).

وقوله في الحديث: "استحرّ"، بسين مهمله ساكنة، ومثناه مفتوحة بعدها، ثمّ حاء مهمله مفتوحة، ثمّ راء مشدّدة أي: اشتدّ وكثر.


(١) التوبة: ١٢٨، البخاري ٤/ ١٩٠٧ (٤٧٠١).
(٢) فتح الباري ٩/ ١٢، وأعلام الحديث للخطابي ٣/ ١٨٥٦.
(٣) الآيات على الترتيب: القيامة: ١٧، الأعلى: ١٨، البينة: ٢، والبقرة: ١، ٢، ٢٨٥.
(٤) سقط من الأصل و (ط، ت)، والحديث في الدارمي ١/ ٧٣٤، والصحيحة ٥/ ٠٤ (٦٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>