للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه التاسع والعشرون: ما رواه مسلم في «صحيحه» (١) من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد كان فيمن خَلا من الأمم أناسٌ مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحدٌ فهو عمر». وهو في «المسند» والترمذي (٢) وغيرهما من حديث أبي هريرة.

والمحدَّث: هو المكلَّم الذي يُلقي الله في رُوْعِه الصوابَ يحدِّثه به المَلَك عن الله، ومن المحال أن يختلف هذا ومَن بعده في مسألة ويكون الصواب فيها مع المتأخر دونه؛ فإن ذلك يستلزم أن يكون ذلك الغير هو المحدَّث بالنسبة إلى هذا الحكم دون أمير المؤمنين، وهذا وإن أمكن في أقرانه من الصحابة فإنه لا يخلو عصرهم من الحق: إما على لسان عمر، وإما على لسان غيره منهم، وإنما المحال أن يفتي أمير المؤمنين المحدَّث بفتوى أو يحكم بحكم ولا يقول أحد من الصحابة غيره ويكون خطأ، ثم يوفَّق له مَن بعدهم فيصيب الحق ويخطئه الصحابة.

الوجه الثلاثون: ما رواه الترمذي من حديث بكر بن عمرو عن مِشْرَح بن هَاعان عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر» (٣). وفي لفظ: «لو لم أُبعَثْ فيكم لبُعِثَ فيكم


(١) رقم (٢٣٩٨). وأخرجه أيضًا أحمد (٢٤٢٨٥) والترمذي (٣٦٩٣).
(٢) «المسند» (٨٤٦٨). وهو عند الترمذي (٣٦٩٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها - كما سبق. وأخرجه البخاري (٣٦٨٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وهو حديث واحد وقع الخلاف فيه من بعض الرواة. انظر: «فتح الباري» (٧/ ٥٠) و «العلل» للدارقطني (١٤/ ٣١١، ٣١٢).
(٣) رواه أحمد (١٧٤٠٥) والترمذي (٣٦٨٦) والطبراني (١٧/ ٢٩٨) والحاكم (٣/ ٨٥) وهذا إسناد حسن من أجل مشرح، وصححه الحاكم وابن تيمية في «منهاج السنة» (٦/ ٦٨)، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (٣٢٧).