للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين بمنزلة السمع والبصر، ومن المحال أن يُحرَم سمعُ الدين وبصرُه الصوابَ ويَظْفَر به من بعدهما.

الوجه الثامن والعشرون: ما رواه أبو داود وابن ماجه (١) من حديث ابن إسحاق عن مكحول عن غُضَيف بن الحارث عن أبي ذر قال (٢): مرَّ فتًى على عمر - رضي الله عنه -، فقال عمر: نعم الفتى، قال: فتبعه أبو ذر، فقال: يا فتى استغفِرْ لي، فقال: يا أبا ذر، أَستغفر لك وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: استغفِرْ لي، قال: لا أو تُخبرنَّ (٣)، قال: إنك مررتَ على عمر فقال: نعم الفتى، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله جعلَ الحقَّ على لسانِ عمر وقلبِه». ومن المحال أن يكون الخطأ في مسألةٍ أفتى بها مَن جعلَ الله الحقَّ على لسانِه وقلبِه حظَّه (٤)، ولا ينكره عليه أحد من الصحابة، ويكون الصوابُ فيها حظَّ مَن بعده، هذا من أبينِ المحال.


(١) عند أبي داود (٢٩٦٢) وابن ماجه (١٠٨) الجزء المرفوع بهذا الإسناد دون القصة. ورواه أحمد (٢١٤٥٧، ٢١٥٤٢) والحاكم (٣/ ٨٦ - ٨٧) والبيهقي في «المدخل» (٦٦) بهذا الإسناد مع القصة. وصححه الترمذي والحاكم وابن تيمية في «منهاج السنة» (٦/ ٦٣).
(٢) كذا في النسخ: «عن أبي ذر قال»، فيوهم أن «مرَّ فتى ... » قولُه، والواقع أنه قول غُضَيف، وهو الفتى المذكور كما في مصادر التخريج. والمؤلف روى القصة بالمعنى.
(٣) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «تخبرني».
(٤) «حظَّه» خبر «يكون».