للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدُّمَهم (١) في كل باب من أبواب الخير، وإلا لكانوا خيرًا من بعض الوجوه، فلا يكونون خيرَ القرون مطلقًا. فلو جاز أن يُخطئ الرجل منهم في حكمٍ وسائرُهم لم يُفتوا بالصواب، وإنما ظَفِرَ بالصواب مَن بعدهم، وأخطأوه هم لزِم أن يكون ذلك القرن خيرًا منهم من ذلك الوجه؛ لأن القرن المشتمل على الصواب خير من القرن المشتمل على الخطأ في ذلك الفن.

ثم هذا يتعدَّد في مسائل عدة؛ لأن من يقول «قول الصحابي ليس بحجة» يجوز عنده أن يكون مَن بعدهم أصاب في كل مسألة قال فيها (٢) الصحابي قولًا ولم يخالفه صحابيٌّ آخر، وفات هذا الصواب للصحابة (٣)، ومعلوم أن هذا يأتي في مسائل كثيرة تفوق العدَّ والإحصاء، فكيف يكونون خيرًا ممن بعدهم وقد امتاز القرن الذي بعدهم [١٧٩/ب] بالصواب فيما يفوق العدَّ والإحصاء مما (٤) أخطؤوا فيه؟ ومعلوم أن فضيلة العلم ومعرفة الصواب أكملُ الفضائل وأشرفها، فيا سبحان الله! أيُّ وصمةٍ أعظمُ من أن يكون الصدّيق أو الفاروق أو عثمان أو علي أو ابن مسعود أو سلمان الفارسي أو عُبادة بن الصامت وأضرابهم قد أخبر عن حكم الله أنه كيتَ وكيتَ في مسائل كثيرة، وأخطأ في ذلك (٥)، ولم يشتمل قَرنهم على ناطقٍ بالصواب في تلك المسائل، حتى نَبَغَ من بعدهم فعرفوا حكم الله الذي جهله أولئك السادة، وأصابوا الحق


(١) في المطبوع: «تقديمهم» خلاف النسخ و «تنبيه الرجل».
(٢) «فيها» ليست في ك.
(٣) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «الصحابة».
(٤) في النسخ: «ما». والمثبت من «التنبيه».
(٥) في النسخ: «فيه ذلك». والمثبت من «التنبيه».