للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتأخرون، ولو كان هذا ممكنًا لانقلبت الحقائق، وكان المتأخرون أئمةً لهم يجب عليهم الرجوع إلى فتاويهم وأقوالهم، وهذا كما أنه محال حِسًّا وعقلًا فهو محال شرعًا، وبالله التوفيق.

الوجه الثالث عشر: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤]، وإمام بمعنى قدوة، وهو يصلح للواحد والجمع كالأمَّة والأسوة. وقد قيل: هو جمعُ آمٍّ (١)، كصاحب وصِحاب، وراجل ورِجال، وتاجر وتِجار. وقيل: هو مصدر كقِتال وضِراب، أي ذَوي إمامٍ. والصواب الوجه الأول، فكلُّ من كان من المتقين وجب عليه أن يأتمَّ بهم، والتقوى واجبة، فالائتمام بهم واجب، ومخالفتهم فيما أفتَوا به مخالف للائتمام بهم. وإن قيل: «نحن نأتمُّ بهم في الاستدلال وأصول الدين» فقد تقدَّم مِن جواب هذا ما فيه كفاية.

الوجه الرابع عشر (٢): ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحاح من وجوه متعددة أنه قال: «خيرُ القرون القرنُ الذي بُعِثتُ فيهم، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم» (٣). فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن خير القرون قرنه مطلقًا، وذلك يقتضي


(١) في المطبوع: «آمم» خلاف جميع النسخ التي فيها الكلمة بميم واحدة، وهي مشددة بإدغام الميمين، ولا يجوز فكّها، مثل ضالّ وحاجّ وشابّ وحارّ وغيرها.
(٢) عاد المؤلف إلى النقل من «تنبيه الرجل العاقل» بعد ما أضاف ستة أدلة أو وجوه من القرآن، من الوجه الثامن إلى الثالث عشر.
(٣) رواه البخاري (٢٦٥١) ومسلم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين، ورواه أيضًا البخاري (٢٦٥٢) ومسلم (٢٥٣٣) من حديث ابن مسعود، ورواه مسلم (٢٥٣٤) من حديث أبي هريرة نحوه.