للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توبتِهما واعترافِهما بذنبهما، وهذه الكلمات هي المذكورة في سورة الأعراف: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [الأعراف: ٢٣]، فتاب الله عليهما وغفرَ ذنبَهما بأنه - سبحانه - توَّابٌ أي: كثيرُ التوبة على عبادِه رحيمٌ بهم.

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ} تأكيدٌ للضمير المستترِ ليَعطفَ عليه {وَزَوْجُكَ} حواء بالمدِّ، وكان خَلْقُها مِنْ ضلعِهِ الأيسرِ {الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا} أَكْلًا {رَغَدًا} واسعًا لا حَجْرَ فيه {حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} بالأكلِ منها، وهي الحِنطة أو الكَرْم أو غيرهما {فَتَكُونَا} فتصيرا {مِنَ الظَّالِمِينَ} العاصينَ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} إبليسُ أذهبَهما، وفي قراءة: {فَأَزَالَهُمَا} نحَّاهما {عَنْهَا} أي: الجنة بأنْ قالَ لهما: هَلْ أدلُّكما عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ؟ وَقَاسَمَهُمَا بالله إنه لهما لِمَنْ النَّاصِحين فأكَلَا منها {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} مِنْ النعيم {وَقُلْنَا اهْبِطُوا} إلى الأرضِ أي: أنتما بما اشتملْتُما عليه مِنْ ذريتكما {بَعْضُكُمْ} بعضُ الذرية {لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} مِنْ ظلمِ بعضكم بعضًا {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} موضع قرار {وَمَتَاعٌ} ما تتمتعون به من نباتها {إِلَى حِينٍ} وقت انقضاء آجالكم {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبّه كَلِمَاتٍ} ألهمَهُ إيَّاها، وفي قراءة: بنصب آدم ورفعِ كلماتٌ، أي: جاءَهُ؛ وهي: {رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا} الآية، فدعا بها {فَتَابَ عَلَيْهِ} قَبِل توبتَه {إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} على عباده {الرَّحِيمُ} بهم.

وقولُ المؤلِّف: (تأكيدٌ للضمير المستترِ ليعطفَ عليه): يريد أنَّ الضمير المنفصل وهو «أنت» جاء في الجملة تأكيدًا للضمير المستتر الواقع فاعلًا لفعل الأمر «اُسكن».

<<  <   >  >>