وسأل النبيُّ ربَّه إِرسالَ ملكٍ، فأَجابَه إلى إِرسال طالوت {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى} كيف {يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} لأَنه ليس من سبط المملكة ولا النبوة، وكان دبَّاغًا أَوْ راعيًا {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} يستعينُ بها على إِقامة المُلك {قَالَ} النبيُّ لهم {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ} اختاره للمُلك {عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً} سعةً {فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} وكان أَعلمَ بني إسرائيلَ يومئذٍ وأَجملَهم وأَتمَّهم خَلقًا {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ} إِيتاءه، لا اعتراضَ عليه {وَاللَّهُ وَاسِعٌ} فضلُه {عَلِيمٌ} بمَن هو أَهلٌ له.
وقولُ المؤلِّف:(وسأل النبيُّ … ) إلى آخره: ذكر المفسرون أَنَّ هذا النبيَّ لَمَّا طلب منه بنو إسرائيل أَنْ يبعث ملكًا دعا ربَّه فبعث اللهُ طالوت، وذكر المفسرون أنه كان فقيرًا، وليس من بيت المُلك فيهم، ولذلك قالوا:{أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا … } إلى آخر كلامهم.
وقولُه:(كيف): تفسيرٌ لقوله في الآية: {أَنَّى يَكُونُ}، وهو استفهامٌ يُفيد التعجُّب أو الاستنكار.
وقولُه:(لأنه ليس من سبط المملكة … ) إلى آخره: هذا مأخوذٌ من الروايات الإسرائيلية التي لا يُجزم بها.
وقولُه:(يستعينُ بها على إِقامة المُلك): هذا توجيهٌ لاعتبار سعة المال مسوغٍ لاصطفائه ملكًا. وقولُه:(اختاره للمُلك): تفسيرٌ لقوله: {اصْطَفَاهُ}، والاصطفاءُ: افتعالٌ من الصفو، قُلبت فيه التاءُ طاءً لاتصالها بالصاد وتقارب مخرجيهما، فأصلُ الكلمة «اصْتَفَاه»(١).