للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القولُ الأَوَّل (١)، وقد حكى ابنُ جريرٍ القولين، ورجَّحَ هذا القول؛ أَي: أَنَّ المرادَ بـ {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} الزوجُ، وضعَّفَ قولَ مَنْ يقول: إِنَّه الولي من وجوهٍ، وذكر أَنَّ معنى {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}؛ أَي: نكاح نفسَه، وهذا هو الزوجُ قبل الطلاق وبعده (٢).

ثم رغَّبَ سبحانه وتعالى في العفو عن الحقوق التي بين الأَزواج والمطلقات قبل المسيس، وهو المذكور في قوله تعالى: {إَلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، والخطابُ للأزواج والمطلقات. وقوله: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}: أَي: لا تغفلوا فتتركوا الإحسانَ والمسامحةَ فيما بينكم، وهذا تأكيد لقوله: {وَأَنْ تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.

وقوله: {إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير (٢٣٧)}: أَي: عليمٌ بأَعمالكم كلِّها فمجازيكم عليها، وفي هذا وعدٌ للمحسنين ووعيدٌ للمسيئين.

{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} وفي قراءةٍ (تُمَاسُّوهُنَّ) (٣)؛ أَي: تُجامعوهنَّ {أَوْ} لم {تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} مهرًا، و «ما»: مصدريةٌ ظرفيةٌ؛ أَي: لا تَبعةَ عليكم في الطلاق زمنَ عدمِ المسيس


(١) ومن الذين اختاروا أن المراد به هو الزوج: علي، وابن عباس -في رواية مجاهد وعمار ابن أبي عمار- وجبير بن مطعم، في آخرين من السلف، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي في الجديد، وهو ظاهر مذهب أحمد، واختاره: الفراء، والطبري، والواحدي ونسبه لعامة الفقهاء. ينظر: «معاني القرآن» للفراء (١/ ١٥٥)، و «تفسير الطبري» (٤/ ٣٢٤ - ٣٣٣)، و «التفسير البسيط» (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، و «زاد المسير» (١/ ٢١٣)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٤٤).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٣١٧ - ٣٣٣).
(٣) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: {تَمَسُّوهُنَّ} بغير ألف وفتح التاء. وقرأ حمزة والكسائيّ: {تُمَاسُّوهُنَّ} بألف وضم التاء. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٨٣ - ١٨٤)، و «النشر» (٢/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>