وقولُ المؤلِّف:(ولَمَّا ظنَّ السرية … ) إلى آخره: يُبيِّنُ بذلك سببَ نزول الآية.
وقولُه:(فارقوا أَوطانَهم): بيان لمعنى: {هَاجَرُوا}، وأصلُ الهجرِ: الترك، والمرادُ: تركوا أَوطانهم فرارًا بدينهم وبراءةً من المشركين وتركًا لمساكنتهم، وهذه الهجرةُ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ يُقيمُ بين أَظْهُرِ المشركين، وهو لا يستطيع إظهارَ دينه.
وقولُه:(لإعلاءِ دينِه): هذا مأخوذٌ من قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قاتلَ لتكون كلمةُ اللهِ هي العليا فهو في سبيل الله)) (١).
وقولُه:(ثوابَه): فسَّرَ رحمةَ اللهِ بالثواب، وهو رحمةٌ مخلوقةٌ، ويحتمل أَنَّ رحمةَ اللهِ هي الصفةُ؛ فيكون المعنى: يرجون أَنْ يرحمهم اللهِ، والأمران متلازمان، فمَن أَثابه اللهُ فقد رحمه، ومَن رحمه أثابه.
وقولُه:(للمؤمنين): هذا القيدُ صحيحٌ، ومفهومُه أنه ليس غفورًا للكافرين، وهذا في حقِّ مَنْ لم يَتُبْ، أَمَّا مَنْ تاب فاللهُ يغفر له وإن كان كافرًا؛ كقوله تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ … } الآية [طه: ٨٢]، أَمَّا مَنْ مات على الكفر فاللهُ لا يغفرُ له؛ كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[محمد: ٣٤].
* * *
(١) أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.