للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقرر في الأصول: أنه إذا أَمكن الجمعُ فلا يُصار إلى النسخ، وهذا أقرب، والله أعلم (١).

وقوله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ}: أي: بدَّل كلامَ الموصي بالزيادة أو النقص أو التحريف، {بَعْدَمَا سَمِعَهُ} من الموصي؛ فإثم ذلك التبديل على المُبدِّل.

وقوله: {إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم (١٨١)}: إخبارٌ من الله بإحاطة سمعِه بأقوال العباد، وإحاطةِ علمِه بأحوالهم ونياتهم، وفي ذلك تهديدٌ لمن يُبدِّلُ كلامَ الموصي، ومَن يُضارُّ في وصيته ويتعدَّى؛ بإعلامه أنَّ اللهَ سامعٌ لأقواله وعالمٌ بحاله فيجبُ الحذرُ من نقمته.

وقوله: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُّوصٍ جَنَفًا … } الآية: هذا خبرٌ من الله بأنَّ مَنْ حضر عند الموصي، وخاف أَنْ يميلَ في وصيته عن الحق؛ كأن يوصي لوارثٍ، أو يوصي بأكثر من الثلث، أو خاف أن يرتكب الموصي إثمًا؛ أي: معصية؛ كأَنْ يوصي لمَن يستعين بالوصية على معصية، فمَن عَلم من الموصي شيئًا من ذلك فصرفه عنه وأَصلح بينه وبين ورثته؛ فلا إثم عليه.

وقوله: {إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم (١٨٢)}: وعدٌ من الله بالمغفرة لمن تاب أو كانت معصيتُه خطأً، كما يدلُّ اسمُه الرَّحيم على أَنَّ هذه الأَحكام من آثار رحمته بعباده.

{كُتِبَ} فُرض {عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} أي: أَسبابُه {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} مالًا {الْوَصِيَّةُ} مرفوعٌ بكُتب، ومُتعلقُ «إذا» إن كانت ظرفية، ودالٌّ على جوابها إن كانت شرطيةً، وجواب «إن» محذوفٌ؛ أي: فليوصِ


(١) قال الضحاك وطاوس والحسن: هي محكمة غير منسوخة، واختار هذا القول الطبري، ينظر ذكر الخلاف في: «نواسخ القرآن» لابن الجوزي (ص ٥١ - ٥٧)، و «تفسير الطبري» (٣/ ١٢٤) وما بعدها، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٢٩٩ - ٣٠٠)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٣١ - ٤٣٢)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣).

<<  <   >  >>