للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} أي: فلا حرجَ ولا إثمَ على مَنْ طاف بهما؛ أي: سعى بينهما.

وقوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ}: هو حجةُ مَنْ قال أنَّ الطوافَ في الصفا والمروة سنَّةٌ.

وقوله: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيم (١٥٨)}: ترغيبٌ في كلِّ ما هو طاعة، وكلُّ طاعة لله خيرٌ، والله لا يُضيع أجرَ المحسنين؛ لأنه شاكرٌ عليمٌ، والظاهرُ أنَّ هذه الآيةَ مُرتبطةٌ بآيات القبلة؛ لِمَا بين الصفا والمروة والبيتِ الذي هو القِبلة من الارتباط المكانيّ والحكميّ.

{إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَة} جبلانِ بمكة {مِنْ شَعَائِر اللَّهِ} أعلام دينِه، جمعُ شَعيرة {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ} أي: تلبَّسَ بالحج أو العمرة، وأصلُهما القصدُ والزيارةُ {فَلَا جُنَاحَ} إثمَ {عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ} فيه إدغامُ التاء في الأصل في الطاء {بِهِمَا} بأنْ يسعى بينهما سبعًا. نزلت لَمَّا كره المسلمون ذلك؛ لأنَّ أهلَ الجاهلية كانوا يطوفون بهما وعليهما صَنَمانِ يمسحونهما (١). وعن ابن عباس أنَّ السعي غيرُ فرض؛ لِما أفادَه رفعُ الإثم من التخيير (٢)؛ وقال الشافعي وغيرُه: ركنٌ (٣). وبيَّنَ صلى الله عليه وسلم فريضتَه بقوله:


(١) أخرجه البخاري (١٦٤٨)، ومسلم (١٢٧٨) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. ينظر أيضًا: «أسباب النزول» (ص ٤٤ - ٤٧)، و «العجاب في بيان الأسباب» (١/ ٤٠٦ - ٤١١).
(٢) روي عن أنس وابن الزبير وعطاء وابن سيرين ومجاهد، وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٧٢٢ - ٧٢٤)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ١٨٢)، و «المغني» (٥/ ٢٣٨) وما بعدها.
(٣) ينظر: «الأم» (٣/ ٥٤٤)، و «المجموع شرح المهذب» (٨/ ١٠٣).

<<  <   >  >>