للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السياق، ويشهدُ لهذا قولُه تعالى في شأن تحويل القبلة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)} [البقرة: ١٤٢]. وينبغي أن يعلم أن اختلاف المفسرين من أهل السنة في تفسير الوجه في الآية لا يستلزم اختلافهم في إثبات الوجه صفة لله تعالى؛ فإن أهل السنة مجمعون على إثبات وجه الله تعالى؛ للأدلة على إثباته من الكتاب والسنة، وإن اختلفوا في عد هذه الآية من جملة تلك الأدلة.

ونزل لَمَّا طعن اليهودُ في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجَّهت: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} أي: الأرضُ كلُّها؛ لأنهما ناحيتاها {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا} وجوهكم في الصلاة بأمره {فَثَمَّ} هناك {وَجْه اللَّه} قبلته التي رضيها {إنَّ اللَّه وَاسِعٌ} يسع فضلُه كلَّ شيءٍ {عَلِيمٌ} بتدبير خلقه.

وقولُ المؤلِّف: (ونزل لَمَّا طعن اليهود … ) إلى آخره: يُشير بذلك إلى سبب نزول الآية (١). وقولُه: (وجوهكم في الصلاة بأمره): فيه بيانُ مفعول {تُوَلُّوا}، والحال التي يتعلَّقُ بها هذا الأمر، وهي: الصلاة، وأنَّ تعيين القبلة بأمر الله.

وقولُه: (هناك): بيانٌ لمعنى «ثَمَّ»، وأنه اسم إشارة للبعيد؛ فـ «ثَمَّ» و «هناك» معناهما واحدٌ، والمشار إليه هو الناحية من المشرق أو المغرب أو غيرهما التي وجه المصلي إليها وجهه.


(١) جاء هذا عن ابن عباس في رواية علي بن طلحة عنه. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٤٥٠)، و «أسباب النزول» (ص ٣٩)، و «العجاب في بيان الأسباب» (١/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>