معناه: اهدنا طريقَ غير المغضوب عليهم والضالين، وهم: المُنعَمُ عليهم، واجنبنا طريقَ المغضوب عليهم والضالين، فتضمَّن هذا الدعاءُ سؤالَ الهداية لطريق المُفلحين، وتجنيبَ طريق الهالكين.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: أرشدنا إليه، ويبدلُ منه:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} بالهداية، ويبدلُ من «الذين» بصلته {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وهم اليهود {وَلَا} وغير {الضَّالِّينَ} وهم النصارى. ونكتةُ البدل أفادت أنَّ المهتدين ليسوا يهودًا ولا نصارى.
واللهُ أعلمُ بالصواب، وإليه المرجعُ والمآب، وصلَّى اللهُ على سيدنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله العلي العظيم.
وقولُ المؤلِّف:(أرشدنا إليه): فسَّرَ الهدايةَ إلى الصراط بالإرشاد، وهذا تفسيرٌ للهداية بأحد معنييها، فإنَّ الهدايةَ من الله لها معنيان: هدايةُ الإرشاد والدلالة والبيان، وهدايةُ التوفيق، والصواب: أنَّ قولَه: {اهْدِنَا} شاملٌ للنوعين كما تقدَّم.
وقولُه:(ويبدلُ منه): يريد أنَّ صراط الثاني بدلٌ من الأول، فهو منصوبٌ بناصبه.
وقولُه:(بالهداية): يريد أنَّ النعمةَ التي أنعم اللهُ بها على أوليائه هي الهدايةُ إلى الصراط المستقيم بنوعيها.
وقولُه:(ويبدلُ من «الذين» بصلته): يريد أنَّ «غير» بدلٌ مِنْ الموصول {الَّذِينَ}، فإنَّ محلَّه الجرُّ بالإضافة، ومن تفسير القرآن بالقرآن أنَّ الذين أنعمَ الله عليهم هم المذكورون في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ