للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ عُثْمَانُ: حَتَّى مَتَى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْتِينِي عَنْكُمْ مَا يَأْتِينِي؟ هَبُونِي كُنْتُ بَعِيدًا أَمَا كَانَ لِي مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكُمْ أَنْ أُرَاقِبَ وَأَنْ أُنَاظِرَ، بَلَى وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَلَكِنَّ الْفُرْقَةَ سَهَّلَتْ لَكُمُ الْقَوْلَ فِيَّ وَتَقَدَّمَتْ بِكُمْ إِلَى الإِسْرَاعِ إِليَّ، وَاللَّهُ الُمُسْتَعَانُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلا حَتَّى أَلْقَى عَلِيًّا، ثُمَّ أَحْمِلَ إِلَيْكَ عَلَى قَدْرِ مَا رَأَى.

قَالَ عُثْمَانُ: افْعَلْ مَا قَدْ فَعَلْتَ، وَطَالَمَا طَلَبْتُ فَلا أَطْلَبَ، وَلا أَجَابَ وَلا أَعْتَبَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ فَلَقَيْتُ عَلِيًّا، وَإِذَا بِهِ مِنَ الْغَضَبِ وَالتَّلَظِّي أَضْعَافُ مَا بِعُثْمَانَ، فَأَرَدْتُ تَسْكِينَهُ فَامْتَنَعَ، فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي، وَأَغْلَقْتُ بَابِي وَاعْتَزَلْتُهُمَا.

فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَأَتَيْتُهُ وَقَدْ هَدَأَ غَضَبُهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ثُمَّ ضَحِكَ، وَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا؟ إِنَّ تَرْكَكَ الْعَوْدَ إِلَيْنَا لَدَلِيلٌ عَلَى مَا رَأَيْتَ عِنْدَ صَاحِبِكَ، وَعَرَفْتَ مِنْ حَالِهِ، فَاللَّهَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، خُذْ بِنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَ عُثْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ عَنْ عَلِيٍّ شَيْءٌ فَأَرَدْتُ التَكْذِيبَ عَنْهُ، يَقُولُ: وَلا يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ أَبْطَأْتَ عَنَّا وَتَرَكْتَ الْعَوْدَ إِلَيْنَا؟ فَلا أَدْرِي كَيْفَ أَرُدُّ عَلَيْهِ "

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: " خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي سَحَرًا أُسَابِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَأَطْلُبُ الْفَضِيلَةَ، فَسَمِعْتُ خَلْفِي حِسًّا وَكَلامًا، فَتَسَمَّعْتُهُ، فَإِذَا حِسُّ عُثْمَانَ، وَهُوَ يَدْعُو وَلا يَرَى أَنَّ أَحَدًا يَسْمَعُهُ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ نِيَّتِي فَأَعِنِّي عَلَيْهِمْ، وَتَعْلَمُ الَّذِينَ ابْتُلِيتُ بِهِمْ مِنْ ذَوِي رَحِمِي وَقَرَابَتِي، فَأَصْلِحْنِي لَهُمْ، وَأَصْلِحْهُمْ لِي.

قَالَ: فَقَصَّرْتُ مِنْ خُطْوَتِي وَأَسْرَعَ فِي مَشْيَتِهِ، فَالْتَقَيْنَا، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لَيْلَتَنَا هَذِهِ أَطْلُبُ الْفَضْلَ وَالْمُسَابَقَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ أَخْرَجَنِي مَا أَخْرَجَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَابَقْتَ إِلَى الْخَيْرِ، إِنَّكَ لِمِنَ سَابِقِينَ مُبَارَكِينَ، وَإِنِّي لأُحِبُّكُمْ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا لَنُحِبُّكَ وَنَعْرِفُ سَابِقَتَكَ، وَسِنَّكَ وَقَرَابَتَكَ وَصِهْرَكَ.

قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا لِي وَلابْنِ عَمِّكَ وَابْنِ خَالِي! قُلْتُ: أَيُّ بَنِي عُمُومَتِي وَبِنِي أَخْوَالِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ.

أَتَسْأَلُ مَسْأَلَةَ الْجَاهِلِ؟ قُلْتُ: إِنَّ بَنِي عُمُومَتِي مِنْ بَنِي خُئُولَتِكَ كَثِيرٌ، فَأَيَّهُمْ تَعْنِي.

قَالَ: أَعْنِي عَلِيًّا لا غَيْرَهُ.

فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَعْلَمُ مِنْهُ إِلا خَيْرًا، وَلا أَعْرِفُ لَهُ إِلا حُسْنًا.

قَالَ: وَاللَّهِ بِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْتُرَ دُونَكَ، مَا يُظْهِرُهُ لِغَيْرِكَ، وَيَقْبِضَ عَنْكَ مَا يَنْبَسِطُ بِهِ إِلَى سِوَاكَ.

<<  <   >  >>