للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإيضاحه: أن القضية السالبة عندهم صادقة في صورتين؛ لأن المقصود منها عدم اتصاف الموضوع بالمحول، وعدم اتصافه به يتحقق في صورتين:

الأولى: أن يكون الموضوع موجودًا، إلا أن المحمول منتفٍ عنه، كقولك: ليس الإنسان بحجر، فالإنسان موجود والحجرية منتفيةٌ عنه.

والثانية: أن يكون الموضوع من أصله معدومًا؛ لأنه إذا عدم تحقق عدم اتصافه بالمحمول الوجودي، لأن العدم لا يتصف بالوجود، كقولك: لا نظير للَّه يستحق العبادة. فإن الموضوع -الذي هو النظير للَّه- مستحيل من أصله، وإذا تحقق عدمه تحقق انتفاء اتصافه باستحقاق العبادة ضرورةً.

وهذا النوع من أساليب اللغة العربية، ومن شواهده قول امرئ القيس:

على لاحبٍ لا يهتدى بمناره ... إذا سَافَهُ العَوْدُ النَّبَاطِيُّ جرجرا

لأن المعنى: على لاحبٍ لا منار له أصلًا حتى يهتدى به.

وقول الآخر:

لا تُفْزِعُ الأرنبَ أهوالُها ... ولا ترى الضبَّ بها يَنْجَحِر

لأنه يصف فلاةً بأنها ليس فيها أرانب ولا ضباب حتى تفزع أهوالُها الأرنبَ، أو ينجحر فيها الضب، أي: يدخل الجحر أو

<<  <   >  >>