ونقل ابن جرير (١) هذا القول عن ابن جريج. ولا يخفى ضعف هذا القول وبعده عن ظاهر القرآن.
الرابع: أن المراد بقوله: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ}: أنهم لم يوفقوا للتوبة النصوح حتى تقبل منهم.
ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (١٣٧)} [النساء/ ١٣٧]، فإن قوله تعالى: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (١٣٧)} يدل على أن عدم غفرانه لهم لعدم توفيقهم للتوبة والهدى، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} [النساء/ ١٦٨ - ١٦٩]، وكقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦)} الآية [يونس/ ٩٦].
ونظير الآية على هذا القول قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} [المدثر/ ٤٨] أي: لا شفاعة لهم أصلًا حتى تنفعهم، وقوله تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} الآية [المؤمنون/ ١١٧]؛ لأن الإله الآخر لا يمكن وجوده أصلًا، حتى يقوم عليه برهان أو لا يقوم عليه.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: مثل هذا الوجه الأخير هو المعروف عند النُّظَّار بقولهم: السالبة لا تقضي بوجود الموضوع.