وقد أوضحت مسألة أنَّ السالبة لا تقتضي وجود الموضوع في أرجوزتي في المنطق في مبحث انحراف السور، وأوضحت فيها -أيضًا- في مبحث التحصيل والعدول: أن من الموجبات ما لا يقتضي وجود الموضوع، نحو: بحر من زئبق ممكن، والمستحيل معدوم. فإنها موجبتان، وموضوع كل منهما معدوم. وحررنا هناك التفصيل فيما يقتضي وجود الموضوع وما لا يقتضيه.
وهذا الذي قررنا من أن المرتد إذا تاب قبلت توبته، ولو بعد تكرر الردة ثلاث مرات أو أكثر = لا منافاة بينه وبين ما قاله جماعة من العلماء الأربعة وغيرهم، وهو مروي عن عليٍّ وابن عباس: من أن المرتد إذا تكرر منه ذلك يقتل ولا تقبل توبته، واستدل بعضهم على ذلك بهذه الآية؛ لأن هذا الخلاف في تحقيق المناط [لا في نفس المناط, والمتناظران قد يختلفان في تحقيق المناط][*] مع اتفاقهما على أصل المناط.
وإيضاحه: أن المناط مكان النوط، وهو التعليق. ومنه قول حسان -رضي اللَّه عنه-:
وأنت زنيمٌ نِيطَ في آل هاشمٍ ... كما نيط خلف الراكبِ القدحُ الفردُ
والمراد به: مكان تعليق الحكم، وهو العلة، فالمناط والعلة مترادفان اصطلاحًا، إلا أنه غلب التعبير بلفظ المناط في المسلك الخامس من مسالك العلة، الذي هو المناسبة والاخالة، فإنه يسمى تخريج المناط، وكذلك في المسلك التاسع الذي هو تنقيح المناط.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين زيادة من مجلة الجامعة الإسلامية