للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدمه؛ إذ لا علاقة بينهما أصلًا، كقولك: (كلما كانت الشمس طالعة كان الإنسان ناطقًا)، فلا علاقة أصلًا بين طلوع الشمس وبين نطق الإنسان.

ومن أمثلتها في القرآن قوله -تعالى-: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: ١٥٤]؛ لأن كينونتهم في بيوتهم وبروزَهم إلى مضاجعهم لا علاقة بينهما، ولا يستلزم أحدُهما الآخرَ ولا عدمَه.

وكقوله -تعالى-: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩]؛ لأن كون البحر مدادًا لها لا علاقة له بنفادها ولا عدمِه.

وكقوله -تعالى-: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: ٥٧]، لأن دعاءه إياهم إلى الهدى لا علاقة بينه وبين عدم اهتدائهم.

ومن هذا القبيل قولهم: (لو لم يخف الله لم يعصه)؛ لأن عدم خوفه من الله لا أثر له في عدم عصيانه. بل قد يكون سببًا لعصيانه فيما يظهر للناظر.

وقد نبهنا في كتابنا (أضواء البيان) (١) على غلط الزمخشري (٢)


(١) (٤/ ١٦١ - ١٦٣).
(٢) أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الخُوارَزمي، صاحب "الكشاف" في التفسير، و"المفصّل" في النحو، كان رأسا في العربية والبلاغة والاعتزال، =