للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في زعمهم، ومَن تنطّع بين يدي الله فنفى عنه صفته التي أثنى بها على نفسه في سبع آيات من كتابه فهو أجرأ [خاصي] (١) الأسد بأضعاف، ولا شك أنه واقع في بلية عظمى؛ لأن التجروء على الله ونفيَ ما مدح به نفسه بادعاء أنه غيرُ لائق [أمر] (٢) ليس بالهين كما ترى.

فافتروا على الصفة أولًا أن ظاهرها غيرُ لائق، فصاروا مشبّهين صفةَ الخالق الواردةَ في الوحي بصفة مخلوق شرَ تشبيه، وبسبب ذلك التشبيه المفترى [نفوا صفة] (٣) الاستواء من أصلها، من غير اعتماد على كتاب ولا سنة، ونفيُهم للاستواء الذي أثنى الله به على نفسه في سبع آيات من كتابه هو البلية الثانيةُ اللازمة للمذهب الخلَفي، ولا شك أن التجرؤ على نفي ما مدح الله به نفسه مدحًا متكررًا في القرآن العظيم أنه بلية عظمى وجناية كبرى.

والبلية الثالثة من البلايا اللازمة لمذهب الخلَف هي أنهم لما ادعوا على صفة الاستواء أن ظاهرها غيرُ لائق، ثم نفوها من أصلها بسبب ذلك، زعموا أن معنى {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} استولى عليه، فجاءوا بالاستيلاء من تلقاء أنفسهم، ونفوا الاستواء الثابتَ في القرآن، وضربوا لذلك مثلًا بقول الراجز:


(١) في المطبوع: (خاص)، ومن أمثال العرب: (أجرأ من خاصي الأسد)، من الخِصاء، ويقال: خاسئ، من الخسة، انظر ثمار القلوب للثعالبي: ص ٣٨٣.
(٢) في المطبوع: (أو).
(٣) في المطبوع: (فواصفه).