عليها أن ظاهرها المتبادرَ منها هو مشابهة استواء الخلق، وكل كلام كان ظاهرُه المتبادرُ منه مشابهةَ الخالق للخلق فهو كلام ظاهره قذر نجس؛ لأنه ليس كلامٌ أقذرَ ولا أنجسَ ظاهرًا من كلامٍ ظاهرُه تشبيهُ الخالق بالخلق، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، فكأهم يقولون لله: هذا الذي مدحتَ به نفسك ظاهرُه المتبادرُ منه الذمُّ والتنقيص؛ لأنه لا ذمَّ ولا تنقيصَ أعظمُ من دعوى مشابهة صفة الخالق لصفة خلقه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قيل له:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ}[النحل: ٤٤] لم يقل حرفًا واحدًا من ذلك، ولم يبيّن شيئًا مما زعموه، مع أنه -صلوات الله وسلامه عليه- لا يجوز في حقه تأخيرُ البيان عن وقت الحاجة، ولا سيما في صفات الله، ولا سيما فيما ظاهره المتبادر منه الكفُر بالله بتشبيهه بخلقه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
فالافتراء على الله بأنه أثنى على نفسه [بما ظاهره](١) المتبادرُ منه التشبيهُ بالخلق، والافتراء على نصوص القرآن بأن ظاهرها المتبادرَ منها التشبيهُ هو البلية الأولى من بلايا مذهب الخلَف، حاشا لله جل وعلا وحاشا نصوصَ كتابه مما افتروه.
والبلية الثانية من البلايا الثلاث اللازمةِ لمذهب الخلف هي أنهم لما قرروا أن ظاهر صفة الاستواء مثلًا المتبادرَ منها مشابهةُ الخلق، قالوا: إنها يجب نفيُها بالكلية؛ لأجل الصرف عن هذا الظاهر الخبيث