للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورثاه حسان بقوله أيضًا:

كنت السواد لناظري ... فعمي عليك الناظر

من شاء يعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر

ولما تحقَّق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- موته -صلى الله عليه وسلم- بقول أبي بكر، ورجع إلى قوله، قال وهو يبكي: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلمَّا كثروا اتخذت منبرًا لتسمعهم، فحنَّ الجذع لفراقك، حتى جعلت يدك عليه سكن، فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله, لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته، فقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} , بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من


وما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعفّ وأوفى ذمة بعد ذمة ... وأقرب منه نائلًا لا ينكد
وأبذل منه للطريف وتالد ... إذا ضنَّ ذو مال بما كان يتلد
وأكرم بيتًا في البيوت إذا انتمى ... وأكرم جدًّا أبطحيًّا يسود
وامنع ذروات وأثبت في العلا ... دعائم عز شامخات تشيد
وأثبت فرعًا في الفروع ومنبت ... وعودًا كعود المزن فالعود أغيد
رباه وليدًا فاستتم تمامه ... على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفّه ... فلا العلم محبور ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقي لقولي عائب ... من الناس إلا عازب العقل مبغد
وليس هواي نازعًا عن ثنائه ... لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره ... وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
ورثاه حسان أيضًا بقوله:
كنت السواد لناظري ... فعمي عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر
"لا يرد على هذا كله ما رواه ابن ماجه وصحَّحه الحاكم عن ابن أبي أوفى أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المراثي؛ لأنَّ المراد مراثي الجاهلية، وهي ندبهم الميت بما ليس فيه نحو: واكهفاه واجبلاه لا مطلقًا، فقد رثى حسان حمزة وجعفرًا وغيرهما في زمنه -صلى الله عليه وسلم- ولم ينهه, "ولما تحقق عمر بن الخطاب موته -صلى الله عليه وسلم- بقول أبي بكر الصديق: ورجع إلى قوله: قال: وهو يبكي بأبي أنت وأمي" أي: لو كان لي إلى الفداء سبيل لفديتك بأبوي, فضلًا عن المال وغيره "يا رسول الله لقد

<<  <  ج: ص:  >  >>