للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفاطم أن جزعت فذاك عذر ... وإن لم تجزعي ذاك السبيل

فقير أبيك سيد كل قبر ... وفيه سيد الناس الرسول

ورثاه الصديق بقوله:

لما رأيت نبينا متجدلًا ... ضاقت عليَّ بعرضهنَّ الدور

فارتاع قلبي عند ذاك لهلكه ... والعظم مني ما حييت كسير

أعتيق ويحك إن حبك قد ثوى ... فالصبر عنك لما بقيت يسير

يا ليتني من قبل مهلك صاحبي ... غيبت في جدث علي صخور

فلتحدثنّ بدائع من بعده ... تعيا بهنّ جوانح وصدور

ورثاه الصديق أيضًا بقوله:

ودعنا الوحي إذ وليت عنَّا ... فودعنا من الله الكلام

سوى ما قد تركت لنا رهينًا ... تضمنه القراطيس الكرام

ولقد أحسن حسان بقوله يرثيه:

بطيبة رسم للرسول ومعهد


دليل على الهدى والصراط المستقيم "صراط الله, "أفاطم إن جزعت" بكسر الزاي- يعني: لم تصبري "فذاك عذر" لأنها مصيبة لا تشابهها مصيبة, "وإن لم تجزعي" بفتح الزاي- أي: صبرت "ذاك السبيل" لكل مخلوق, "فقبر أبيك سيد كل قبر" بل سيد جميع الأمكنة, "وفيه سيد الناس الرسول" بل سيد الخلق كلهم.
"ورثاه الصديق بقوله: لما رأيت نبينا متجدلًا" ملقيًا على الجدالة -بفتح الجيم- الأرض, "ضاقت عليّ بعرضهن" أي: سعتهنّ الدور، فارتاع" جواب لما دخلته الفاء على قلة "قلبي عند ذاك لهلكه" بضم الهاء وسكون اللام- موته, "والعظم مني ما حييت" مدة حياتي "كسير, أعتيق" ينادي نفسه؛ لأنه لقبه أو اسمه "ويحك" وقعت في ورطة لا تستحقها, إن حبك -بكسر الحاء- محبوبك "قد توى" بفوقية بزنة حصى، أي: هلك, "فالصبر عنك لما بقيت يسير" أي: قلّ صبرك لموت محبوك, "يا نفسي" ليتني من قبل مهلك" أي: موت "صاحبي غيبت في جدث، قبر علي صخورٍ فلتحدثنّ" بنون التوكيد الثقيلة, "بدائع" جمع بدعة, اسم من الابتداع، كالرفعة من الارتفاع، ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة "من بعده تعيا بهنّ جوانح", الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر "وصدور، ورثاه الصديق أيضًا بقوله: ودعنا الوحي؛ إذ وليت عنّا فودعنا" بالتشديد "من الله الكلام سوى ما قد تركت لنا رهينًا، تضمنه القراطيس: جمع قرطاس -بكسر القاف- أشهر من فتحها ما يكتب فيه "الكرام، ولقد أحسن حسان بقوله: يرثيه بطيبة رسم" أثر "للرسول ومعهد" بفتح الهاء- منزل, معهود به الهدى والنور

<<  <  ج: ص:  >  >>