للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

........................ ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا

فدًى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وخالي ثم نفسي وماليا

فلو أنَّ رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا

عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا

أرى حسنًا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جدّه اليوم نائيا

ورثاه أبو سفيان بن الحارث فقال:

أرقت فبت ليلي لا يزول ... وليل أخي المصيبة فيه طول

وأسعدني البكاء وذاك فيما ... أصيب المسلمون به قليل

لقد عظمت مصيبتنا وجلت ... عشية قيل: قد قبض الرسول

وأضحت أرضنا مما عراها ... تكاد بنا جوانبها تميل

فقدنا الوحي والتنزيل فينا ... بروح به ويغدوا جبرئيل

وذاك أحق ما سالت عليه ... نفوس الناس أو كادت تسيل

نبي كان يجلو الشك عنا ... بما يوحي إليه وما يقول

ويهدينا فلا نخشى ضلالًا ... علينا والرسول لنا دليل


جدث" بجيم ودال ومثلثة- لغة تهامة، وبها جاء القرآن: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} ، ولغة نجد: جدف بالفاء بدل المثلثة، أي: قبر "أمسى بيثرب ثاويًا" مقيمًا, "فدًى" القصير "لرسول الله أمي وخالتي وعمي وخالي ثم نفسي وماليا" بألف الإطلاق "فلو أنَّ رب الناس أبقى نبينا سعدنا، ولكن أمره كان ماضيًا, عليك من الله السلام تحيّة، وأدخلت جنات من العدن راضيًا أرى حسنًا" ابن فاطمة "أيتمته وتركته يبكي" بالتشديد, "ويدعو جده اليوم نائيا" بالنون، أي: حال كونه بعيدًا.
"ورثاه أبو سفيان بن الحارث" بن عبد المطلب "فقال: أرقت" سهرت, "فبت ليلي لا يزول" لا ينقضي, "وليل أخي المصيبة فيه طول" كثير, وأسعدني: أعانني "البكاء" بالمد, "وذاك فيما أصيب المسلمون به" إلى يوم القيامة "قليل، لقد عظمت مصيبتنا وجلّت" على كل مصيبة, "عشية قيل: قد قبض الرسول وأضحت أرضنا ما عراها" أصابها, "تكاد" تقرب "بنا جوانبها تميل, فقدنا الوحي والتنزيل" يحتمل أنه عطف مساوٍ وأنه مغاير يجعل التنزيل القرآن, والوحي ما عداه, "فينا يروح به" يأتي وقت الرواح من الظهر "ويغدو" يأتي وقت الغدوة أول النهار, "جبرئيل, وذاك أحق من سالت" أي: خرجت "عليه نفوس الناس أو كادت تسيل" تحتمل, أو للإضراب والتنويع, "نبي كان يجلو الشك عنا بما يوحى إليه" على لسان الملك, "وما يقول" بالإلهام والمنام ونحوهما, وكله وحي, "ويهدينا فلا نخشى ضلالًا علينا والرسول لنا

<<  <  ج: ص:  >  >>