منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن"، وقوله: "ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنَّى بالقرآن" أي: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنَّى بالقرآن يتلوه يجهر به، يقال منه: أذن يأذن أذانًا بالتحريك، علمت أن هذا الترجيع منه -عليه الصلاة والسلام- كان اختيارًا، لا اضطرارًا لهز الناقة له، فإن هذا لو كان لأجل هز الناقة لما كان داخلًا تحت الاختيار، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختيارًا ليتأسَّى به, وهو يرى هذا من هز الراحلة له حتى ينقطع صوته، ثم يقول: كان يرجّع في قراءته، فينسب "الترجيع إلى فعله، ولو كان من هز الراحلة لم يكن منه فعل يسمَّى ترجيعًا.
وقد استمع -عليه الصلاة والسلام- ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري، فلما أخبره
"وقوله" صلى الله عليه وسلم: "ليس منَّا" أي: من العالمين بسنتنا, الجارين على طريقتنا "من لم يتغن بالقرآن" أي: يحسِّن صوته به؛ لأنه أوقع في النفوس، وأدعى إلى الاستماع والإصغاء، وهو كالحلاوة التي تجعل في الدواء لتنفيذه إلى أمكنة الداء، وكالأفاوية التي يطيب بها الطعام؛ ليكون الطبع أدعى قبولًا له، لكن بشرط أن لا يغيّر اللفظ، ولا يخل بالنظم، ولا يخفي حرفًا، ولا يزيد حرفًا، والإ حرم إجماعًا قال ابن أبي مليكة: فإن لم يكن حسن الصوت حسّنه ما استطاع، وهذا الحديث رواه البخاري في التوحيد، عن أبي هريرة وأحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم عن سعد بن أبي وقاص، وأبو داود، عن أبي لبابة، والحاكم عن ابن عباس، وعن عائشة, "وقوله" صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين والسنن من حديث أبي هريرة: "ما أذن" بفتح الهمزة وكسر المعجمة- كما ضبطه النووي وغيره، أي: ما استمع الله لشيء، "كاستماعه لنبي يتغنَّى بالقرآن"، أي: يتلوه يجهر به، يقال منه: أذن" بفتح أوله، وكسر ثانية "يأذن" بفتح الذال "أذانًا بالتحريك" أي: فتح الهمزة، والذال مصدر، هو مجاز عن تقريب القارئ، وإجزال ثوابه، وقبول قراءته، ولا يجوز حمله على الإصغاء؛ لأنه محال عليه تعالى؛ ولأن سماعه لا يختلف "علمت أن هذا الترجيع" الواقع منه -عليه الصلاة والسلام" في الفتح "كان اختيارًا، لا اضطرارًا لهز الناقة له" كما دعاه بعضهم, فإنَّ هذا لو كان لأجل هَزّ الناقة لما كان داخلًا تحت الاختيار، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه"؛ حيث قال: أأأ ثلاث مرات. وعنه أيضًا لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت لكم، كما رجع -صلى الله عليه وسلم, "ويفعله اختيارًا ليتأسَّى" يُقْتَدَى به, وهو يرى هذا من هز الراحلة له حتى ينقطع صوته، ثم يقول: كان يرجّع في قراءته فينسب الترجيع إلى فعله، ولو كان من هز الراحلة لم يكن منه فعل يسمَّى ترجيعًا" لعدم اختياره "وقد استمع -عليه الصلاة والسلام- ليلة