وقال الكرماني: لا شك أنّ في الحديث ذكر الله بأكمل الأوصاف, وذكر العبد نفسه بأنقص الحالات, وهو أقصى غاية التضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو، أمَّا الأول فلِمَا فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده الذي هو أصل الصفات القدسية المسماة بصفات الجلال, والاعتراف بالصفات الصنعية الوجودية المسمَّاة بصفات الإكرام, وهي القدرة اللازمة عن الخلق الملزومة للإرادة والعلم والحياة, والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر اللازمان من المغفرة؛ إذ المغفرة للسموع, والمبصر لا تتصور إلّا بعد السماع والإبصار. وأما الثاني: فلما فيه أيضًا من الاعتراف بالعبودية وبالذنوب, في مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها وهو الشكر أ. هـ "فتعيِّن أنَّ هذه الكيفية هي الأفضل, وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يترك الأفضل" رأسًا، بل بقوله: ويقول غيره: لا أنه يقتصر عليه وإلا خالف الأحاديث. قال الحافظ: ومن أوضح ما جاء في الاستغفار ما أخرجه الترمذي وغيره مرفوعًا: "من قال استغفر الله الذي لا إله إلا الله هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف". قال أبو نعيم: هذا يدل على أن بعض الكبائر يغفر ببعض العمل الصالح, وضابطه الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكمًا في نفس ولا مال, وفي قوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} إشارة إلى أنَّ من شرط قبول الاستغفار أن يقلع المستغفر عن الذنب, وإلا فالاستغفار باللسان مع التلبس بالذنب كالتلاعب، ولأبي داود والترمذي مرفوعًا: "ما أصرَّ من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة". وأما قراءته -صلى الله عليه وسلم- وصفتها فكانت مدًّا" بغير همز، أي: ذات مد، أي: يمد الحرف المستحق للمد, "يمد بسم الله" أي: اللام التي هي قبل هاء الجلالة" ويمد بالرحمن" الميم التي قبل النون ويمد بالرحيم" أي: الحاء المد الطبيعي الذي لا يمكن النطق بالحرف إلّا به من غير زيادة عليه, لا كما يظن بعضهم من الزيادة عليه. "رواه البخاري" في التفسير "عن أنس, ونعتتها" وصفت قراءته "اسم سلمة" هند "قراءة