للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكتفى بعلمها له -صلى الله عليه وسلم- في الآية, فالشأن كله في تصحيح التوحيد وتجريده وتكميله، وقد قال تعالى له -عليه الصلاة والسلام: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّك} [المزمل: ٨] وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: ٢٠٥] ؛ لأنه لا بُدَّ في أول السلوك من الذكر باللسان مدةً, ثم يزول الاسم ويبقى المسمَّى، فالدرجة الأولى هي المرادة بقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّك} [المزمل: ٨] والمرتبة الثانية هي المرادة بقوله: {وَاذْكُرْ رَبَّك} ، وفي استيفاء مباحث ذلك طول يخرج عن الغرض، وقد تقدَّم جملة من أذكاره مفرَّقة في الوضوء والصلاة والحج وغير ذلك.

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة. كما رواه عنه أبو هريرة عند البخاري.

وظاهره أنَّه يطلب المغفرة، ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد: أنه -صلى الله عليه وسلم- يقول هذا اللفظ بعينه، ويرجّح الثاني ما أخرجه النسائي بسند جيد من


"ولذا اكتفى بعلمها له -صلى الله عليه وسلم- في الآية، فالشأن كله في تصحيح التوحيد وتجريده" عن شوائب الشرك وتكميله" بالترقي فيه.
"وقد قال تعالى له -عليه الصلاة والسلام: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّك} ، وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} أي: سرًّا {تَضَرُّعًا} تذللًا {وَخِيفَةً} خوفًا منه؛ "لأنه لا بُدَّ في أول السلوك من الذكر باللسان مدة، ثم يزول الاسم ويبقى المسمَّى، فالدرجة الأولى هي المرادة بقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّك} والرتبة الثانية هي المرادة بقوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} وفي استيفاء مباحث ذلك طول يخرج عن الغرض", وهذا شذا عبقة صوفية.
"وقد تقدَّم جملة من أذكارها مفرقة في الوضوء والصلاة والحج وغير ذلك كالصيام, فلا حاجة إلى إعادتها "وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة" إظهارًا للعبودية, وافتقارًا لكرم الربوبية, وتعليمًا لأمَّته, أو من ترك الأولى، أو تواضعًا، أو لأنه كان دائم الترقي في معارج القرب، فكلما ارتقى درجة ورأى ما قبلها دونها استغفر، لكن قال الفتح: إن هذا مفرع على أن العدد المذكور في استغفاره كان مفرقًا بحسب تعدد الأحوال، وظاهر ألفاظ الحديث يخالف ذلك.
"كما رواه عنه أبو هريرة" قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"، هذا لفظه "عند البخاري" في الدعوات, وليس فيه: والليلة, "وظاهره أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>