للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجه أحمد والبيهقي بإسناد حسن.

وعن عمارة: قال جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار لعمر: أما تذكر أنا كنا في سفر، أنا وأنت، فأما أنت فلم


حسن" فصح الاستدلال به على التخصيص، وقد علم منع التخصيص لفقد شرطه، والصعيد اسم لوجه الأرض، وهو نص القرآن، وليس بعد بيان الله تعالى بيان.
وقد قال صلى الله عليه وسلم للجنب: "عليك بالصعيد" فإنه يكفيك، فنص له على العام في وقت البيان، ودعوى أن الحديث سيق لإظهار التخصيص أو التشريف -فلو جاز بغير التراب لما اقتصر عليه في حديث حذيفة وعلي- ممنوعة، وسند المنع أن شأن الكريم الامتنان بالأعظم والسكوت عن الأدون، على أنه امتن بالكل في حديث جابر في الصحيحين، بقوله: "وجعلت الأرض مسجدا وطهورا". فقد حصل الامتنان بها تارة، وبالآخر أخرى لمناسبة اقتضاء الحال.
وأما زعم أن اقتران اللفظ بالتأكيد في رواية، بقوله: كلها في المسجد دون الآخر، يدل على افتراق الحكم، وإلا لعطف أحدهما على الآخر بلا تأكيد، كما في رواية جابر، فمدفوع بأن حديث جابر دل على عدم الافتراق، إذ لو أريد افتراق الحكم ما تركه فيه، وقد يكون المقام اقتضى تأكيد كون الأرض مسجدا ردا على منكر ذلك دون كونها صعيدا لثبوته بالقرآن، فلا دلالة فيه على افتراق الحكم البتة.
"وعن عمارة" كذا في النسخ، والذي في الصحيحين من عدة طرق، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، "قال: جاء رجل" قال الحافظ: لم أقف على تسميته، وفي رواية للطبراني، أنه من أهل البادية، وفي رواية للبخاري، أن عبد الرحمن بن أبزى شهد ذلك "إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت"، "بفتح الهمزة" أي صرت جنبا، "فلم أصب الماء"، "بضم الهمزة" أي لم أجده.
قال الحافظ: هذه الرواية اختصر فيها جواب عمر وليس ذلك من البخاري، فقد أخرجه البيهقي من طريق آدم شيخه، فيه بدونها أيضا، وقد أورده البخاري في الباب الذي بعده من رواية ستة أنفس عن شعبة بالإسناد المذكور، ولم يسقه تاما من رواية واحد منهم، نعم ذكر جواب عمرَ مسلمٌ من طريق يحيى بن سعيد، والنسائي من طريق حجاج بن محمد, كلاهما عن شعبة، ولفظهما، فقال: لا تصل زاد السراج حتى تجد الماء، وللنسائي نحوه، وهذا مذهب مشهور عن عمر وافقه عليه ابن مسعود، ووقعت فيه مناظرة بين ابن مسعود وأبي موسى، وقيل: إن ابن مسعود رجع عن ذلك، "فقال عمار" بن ياسر أحد السابقين الأولين، هو وأبوه شهد المشاهد كلها "لعمر: أما"، "بفتح الهمزة والميم المخففة"، "تذكر" زاد في رواية: يا أمير المؤمنين "أنا"

<<  <  ج: ص:  >  >>