للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال علي بن أبي طالب: جعل صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم. رواه مسلم.


وأجاب الخطابي بأن الله فرض مسح الرأس، وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل، فلا يترك المتيقن للمحتمل، وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه دونها، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح على العمامة، لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا مشقة نزعها بأن تكون محنكة كعمائم العرب، ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه، والنصوص وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرا وفعلا بمسح الرأس، فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معا كما في مسلم: سلمنا أنه حديث آخر لاختلاف المخرج، فيحتمل أنه فعله لعذر لم يمكنه مسح رأسه ولا شيء منه أصلا، وبالجملة فيه قضية فعلية تتطرق إليها الاحتمالات، ورد الثاني بأنهم ولو شرطوا مشقة نزعها لا يجامع الخف، لأنه مأخوذ من الآثار من القياس ولو كان منه لجاز المسح على القفازين في اليدين، فلا يقاس على الخفين شيء، "وخفيه رواه البخاري وأحمد" وغيرهما وأعل الأصيلي إسناده بما رده عليه فتح الباري.
"وقال علي بن أبي طالب: جعل صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين" أي مدته "ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" سفر قصر "ويوما وليلة للمقيم" وقال به الجمهور والأئمة الثلاثة، ونسب لمالك مثله في كتاب البشر، لكن أنكر أهل المذهب ذلك الكتاب، والمشهور عنه يمسح بلا توقيت ما لم يخلعه أو يجب عليه غسل أو يختل شرط من شروطه، وروى مثله عن عمرو وعن مالك أيضا من الجمعة إلى الجمعة، وحملت لى أنه ينزعه لغسلها إلا أنه أراد التأقيت، "رواه مسلم" عن شريح بن هانئ، قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فاسأله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ له، فقالت: ائت عليا، فإنه أعلم بذلك مني، فأتيت عليا، فقال. فذكره, واختلف في رفع هذا الحديث ووقفه على علي.
قال ابن عبد البر: من رفعه أثبت وأحفظ ممن وقفه، وقال ابن العربي: أحاديث التوقيت صحيحة وأحاديث عدمه ضعيفة، وعند ابن خزيمة عن صفوان بن عسال، قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا، ويوما وليلة إذا أقمنا، قال الحافظ: صحيح، لكن ليس على شرط البخاري، وفي الباب عن أبي بكر صححه الشافعي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>