قال المازري: استدل به الحنفية على أن الواجب الناصية، وأحمد على جوازه على العمامة، وهو رد عليهما، فيقال لأبي حنيفة: لم تقتصر على الناصية، ويقال لأحمد: لو جاز الاقتصار عليه فلم مسح الناصية، "ثم أهويت" أي مددت يدي، أو قصدت، أو أشرت، أو أومأت "لأنزع خفيه، فقال: "دعهما، فإني أدخلتهما" أي الرجلين حال كونهما "طاهرتين" من الحدثين، ولأبي داود: فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتين "فمسح عليهما" وفي هذا الرد على من زعم أن المسح عليهما منسوخ بآية المائدة، لأن هذه القصة في غزوة تبوك، وهي آخر مغازيه، وكانت سنة تسع بعد المائدة باتفاق، لأنها نزلت في غزوة المريسيع سنة ست. وقد روى الجماعة عن جرير بن عبد الله البجلي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ ومسح على خفيه. زاد الترمذي في رواية، فقيل له: قبل المائدة أم بعدها، فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة. قال الأعمش: قال إبراهيم النخعي، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. قال النسائي: كان إسلامه قبل موته صلى الله عليه وسلم بيسير، وقال غيره: بأربعين ليلة وفيه نظر، لأنه شهد حجة الوداع، وهي قبل الوفاة النبوية بنحو ثلاثة أشهر، "ثم ركب" راحلته "وركبت" راحلتي "الحديث" ذكر فيه أنهما انطلقا، فوجدا الناس قدموا ابن عوف، فأدرك صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية، وقضى الأولى بعد سلام عبد الرحمن، وتقدم في الأذان من المقصد الأول مبسوطا، "رواه مسلم" وأبو داود وغيرهما مطولا، وروى بعضه البخاري، وفيه فوائد كثيرة، ذكر جملة منها صاحب الفتح وغيره.