للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غسلا يقرب من المسح. انتهى.

وعن المغيرة بن شعبة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، قال فتبرز صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إداوة -قبل الفجر- فلما رجع أخذت أهريق الماء على يديه من الإداوة، فغسل يديه ووجهه، وعليه جبة من صوف، ذهب يحسر عن


يقتصد"، أي يتوسط "في صب الماء عليهما، ويغسلا غسلا يقرب من المسح" دفعا لتوهم المبالغة في غسلهما بالزيادة على الثلاث لملاقاتهما الأوساخ، ورد ذلك النحاس وقال: هذا القول غلط عظيم، لأن الجوار لا يكون في كلام يقاس عليه، وإنما هو غلط، ونظيره الأقواء. "انتهى".
يعني: فلا ينبغي أن يحمل عليه أفصح الكلام، وقد أمكن غيره، وأجاب قوم عن قراءة الخفض بأن المسح في الرجلين هو الغسل حكاه ابن عطية، قال القرطبي: وهو الصحيح فإن لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح، وبمعنى الغسل كما حكاه أبو زيد عن العرب، فيترجح أن المراد بقراءة الخفض الغسل لقراءة النصب التي لا احتمال فيها، ولكثرة الأحاديث الثابتة بالغسل والتوعد على ترك غسلهما في أخبار صحاح لا تحصى كثرة، أخرجها الأئمة. انتهى.
"وعن المغيرة بن شعبة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك" بعدم الصرف على المشهور لوزن الفعل كتقول، "قال: فتبرز" بالتشديد، أي خرج "صلى الله عليه وسلم" لقضاء حاجته، ولابن سعد عن مغيرة: لما كنا بين الحر وتبوك ذهب لحاجته "قبل" بكسر ففتح، أي جهة "الغائط" أي المكان المطمئن الذي تقضى فيه الحاجة، فاستعمل في أصل حقيقته اللغوية، فليس المراد الفضلة، "فحملت معه إداوة" بكسر الهمزة، أي مطهرة من جلد وكان حملها بأمره.
ففي رواية للشيخين، فقال: يا مغيرة خذ الإداوة "قب الفجر" أي الصبح، ولابن سعد: فتبعته بماء بعد الفجر، ويجمع بأن خروجه كان بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح، زاد في رواية للشيخين: فانطلق حتى توارى عني، ثم قضى حاجته، وعند أحمد أن الماء أخذه المغيرة من أعرابية صبته له من قربة من جلد ميتة، فقال له صلى الله عليه وسلم: "سلها، فإن كانت دبغتها فهو طهورها". فقالت: إي والله لقد دبغتها. "فلما رجع أخذت أهريق الماء على يديه"، "بضم الهمزة وفتح الهاء وإسكانها" أي أصب، وفي رواية: فصببت عليه "من الإداوة، فغسل يديه", زاد في رواية أحمد: فأحسن غسلهما، وللبخاري: تمضمض واستنشق، "ووجهه" زاد أحمد ثلاث مرات، "وعليه جبة" هي ما قطع من الثياب مشمرا، قاله في المشارق: "من صوف" وللبخاري ومسلم: وعليه جبة شامية ضيقة الكمين، زاد أبو داود: من جباب الروم، "ذهب يحسر" بكسر السين المهملة، كما للمصنف على مسلم، وكأنه الرواية، وإلا ففي لغة "بضم السين أيضا"

<<  <  ج: ص:  >  >>