فليس المراد الجمع بين غسل الرجلين، ثم المسح على الخفين، "وحجة الجمهور" القائلين بأن الواجب غسل الرجلين، ولا يصح مسحهما، "الأحاديث الصحيحة من فعله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي" قريبا إن شاء الله تعالى، فإنه بيان المراد" في الآية. زاد القرطبي: وهو اللازم من قوله في غير ما حديث وقد رأى قوما يتوضئون وأعقابهم تلوح، فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء"، وفي رواية: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار". فخوفنا بالنار من مخالفة مراد الله، ومعلوم أنه لا يعذب بالنار إلا من ترك الواجب، وأن المسح ليس شأنه الاستيعاب. "وأجابوا عن الآية بأجوبة، منها أنه قرئ" عند حمزة والكسائي، وحفص عن عاصم: " {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب عطفا على {أَيْدِيَكُمْ} " وذلك نص في وجوب الغسل، وإنما قدم عليه مسح الرأس لإفادة أنه يفعل قبل غسل الرجلين، ولذا اختلف في أن الترتيب سنة أو واجب، وقد جاء عن علي أن هذا من المقدم والمؤخر من الكلام. "وقيل: إنه معطوف على محل {بِرُءُوسِكُمْ} " لأن محله النصب مفعول {َامْسَحُوا} ، لكن عطفه عليه لا يعطي الغسل الذي هو المطلوب، فلا يصح جوابا للجمهور عن الآية الذي الكلام فيه، "كقوله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي} " فـ {جِبَالُ} مبني على الضم في محل نصب، فعطف عليه " {وَالطَّيْرَ} بالنصب" بإجماع القراء سوى الجرمي، باعتبار المحل، وعلى القول، بأنه عطف على {فَضْلًا} من قوله: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} لا شاهد فيه. "وقيل: المسح في الآية محمول على مشروعية المسح على الخفين، فحملوا قراءة الجر" ابن كثير، وأبو عمرو, وحمزة, وشعبة عن عاصم، "على مسح الخفين وقراءة