وقال القرطبي: الباء للتعدية، يجوز حذفها وإثباتها، كقولك: مسحت رأس اليتيم ومسحت برأسه، وقيل: دخلت الباء لتفيد معنى آخر، وهو أن الغسل لغة يقتضي مغسولا به، والمسح لغة لا يقتضي ممسوحا به، فلو قال: وامسحوا رءوسكم لأجزأ المسح باليد بغير ماء، فكأنه قال: وامسحوا برءوسكم الماء، فهو على القلب والتقدير وامسحوا رءوسكم بالماء. "وقال" الإمام "الشافعي رضي الله عنه: احتمل قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ، جميع الرأس"، "بناء على أن الباء للتعدية"، "أو بعضه"، "بناء على أنها للتبعيض"، "فدلت السنة أن بعضه يجزئ" وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته، هذا أسقطه من كلام الشافعي، "والفرق بينه وبين قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} في التيمم" إذ المجزئ فيه مسح جميع الوجه اتفاقا، "إن المسح فيه بدل عن الغسل" فلا بد أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل، "ومسح الرأس أصل فافترق" فلا يقاس عليه "ولا يرد كون مسح الخف بدلا عن غسل الرجلين" فقياسه استيعاب مسح أعلاه وأسفله، وبطلان صلاة تارك مسح أسفله، مع أنها صحيحة "لأن الرخصة فيه ثبتت بالإجماع" وأصله قوله علي: لو كان الدين يؤخذ بالقياس، لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسح على أعلاه. "وقد روى" الشافعي "من حديث عطاء" بن أبي رباح "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه" وهذا محتمل أنه فعل ذلك حين مسح على الناصية في السفر فيكون للعذر، فسقط به الاستدلال "وهو مرسل" فلا حجة فيه بمفرده "لكنه اعتضد" تقوى "بمجيئه من وجه آخر" حال كونه "موصولا، أخرجه أبو داود من حديث أنس، وفي إسناده أبو معقل لا يعرف حاله" أي مجهول، ولا اسمه.