للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية غيره كما قدمته: "برأسه"، بزيادة الباء، الموافقة لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] .

قال البيضاوي: "الباء" أي في الآية مزيدة، وقيل: للتبعيض، فإنه الفارق بين قولك، مسحت المنديل، وبالمنديل، ووجهه أن يقال: إنها تدل على تضمين الفعل معنى الإلصاق، فكأنه يقول: وألصقوا المسح برءوسكم، وذلك لا يقتضى الاستيعاب، بخلاف ما لو قيل: وامسحوا رءوسكم فإنه كقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} ، انتهى.


قال البخاري: سئل مالك أيجزئ أن يمسح بعض الرأس، فاحتج بحديث عبد الله بن زيد، قال الحافظ: السائل له عن ذلك إسحاق بن عيسى بن الطباع، بينه ابن خزيمة من طريقه، ولفظه: سألت مالكا عن الرجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه، أيجزئه ذلك؟ فقال: حدثني عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد، قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه، ثم رد يده إلى ناصيته، فمسح رأسه كله، فقوله "كما هو رواية ابن خزيمة", أي زيادة كله، وإلا فرواية الموطأ والشيخين وغيرهما من طريقه، مسح رأسه بدون باء خلاف ما يوهمه قوله "وفي رواية غيره: كما قدمته برأسه بزيادة الباء" بل لم تقع زيادة الباء إلا في رواية خالد، كما يفيده كلام الحافظ: "الموافقة لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ".
"قل البيضاوي: الباء في الآية مزيدة" للتعدية، وبه تمسك من أوجب الاستيعاب، وقيل: موضع الدلالة من الآية والحديث، أن الآية تحتمل الكل على أن الباء زائدة، والبعض على أنها تبعيضية، فبان بفعله صلى الله عليه وسلم أن المراد الأول، ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته وعمامته كما في مسلم، وذلك أيضا من أدلة الاستيعاب، إذ لو م يكن واجبا ما مسح على العمامة مع الناصية، فكان ذلك لعذر، لأنه كان في سفر، وهو مظنة العذر.
"وقيل: للتبعيض" وأنكره جماعة، حتى قال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه وأجيب بأنه منقول عن الأصمعي والفارسي والمتنبي وجماعة: "فإنه" أي التبعيض "الفارق بين قولك مسحت المنديل وبالمنديل ووجهه"، أي دلالتها على التبعيض؛ "أن يقال: إنها تدل على تضمين الفعل معنى الإلصاق، فكأنه يقول: "وألصقوا"، "بفتح الهمزة وكسر الصاد"، "المسح برءوسكم، وذلك لا يقتضي الاستيعاب" لصدقه بإلصاقه ببعض الرأس، "بخلاف ما لو قيل: وامسحوا رءوسكم" بدون باء، "فإنه" يفيد الاستيعاب، "كقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>